للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هجوت محمّدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء

هجوت محمّدا برّا تقيّا «١» ... رسول الله شيمته الوفاء «٢»

فإنّ أبي ووالده وعرضي «٣» ... لعرض محمّد منكم وقاء «٤»

ثكلت بنيّتي «٥» إن لم تروها ... تثير النّقع «٦» من كنفي كداء «٧»

يبارين الأعنّة «٨» مصعدات «٩» ... على أكتافها الأسل الظّماء «١٠»

تظلّ جيادنا متمطّرات «١١» ... تلطّمهنّ بالخمر النّساء «١٢»

فإن أعرضتمو عنّا اعتمرنا «١٣» ... وكان الفتح وانكشف الغطاء

وإلّا فاصبروا لضراب يوم ... يعزّ الله فيه من يشاء


(١) هجوت محمدا برا تقيا: وفي كثير من النسخ: حنيفا، بدل تقيا. فالبر الواسع الخير والنفع. وهو مأخوذ من البر، بكسر الباء، وهو الاتساع في الاحسان. وهو اسم جامع للخير. وقيل: البر، هنا، بمعنى المتنزه عن الماثم. وأما الحنيف فقيل هو المستقيم. والأصح أنه المائل إلى الخير. وقيل الحنيف التابع ملة ابراهيم صلّى الله عليه وسلّم.
(٢) شيمته الوفاء: أي خلقه.
(٣) فان أبي ووالده وعرضي: هذا مما احتج به ابن قتيبة لمذهبه أن عرض الإنسان هو نفسه لا أسلافه. لأنه ذكر عرضه وأسلافه بالعطف. وقال غيره: عرض الرجل أموره كلها التي يحمد بها ويذم، من نفسه وأسلافه، وكل ما لحقه نقص يعيبه.
(٤) وقاء: هو ما وقيت به الشيء.
(٥) ثكلت بنيتي: قال السنوسي: الثكل فقد الولد. وبنيتي تصغير بنت. فهو بضم الباء. وعند النووي بكسر الباء، لأنه قال: وبنيتي أي نفسي.
(٦) تثير النقع: أي ترفع الغبار وتهيجه.
(٧) كنفي كداء: أي جانبي كداء. وكداء ثنية على باب مكة. وعلى هذه الرواية في هذا البيت إقواء مخالف لباقيها. وفي بعض النسخ: غايتها كداء. وفي بعضها: موعدها كداء. وحينئذ فلا إقواء.
(٨) يبارين الأعنة: ويروى: يبارعن الأعنة. قال القاضي: الأول: هو رواية الأكثرين. ومعناه أنها لصرامتها وقوة نفسها تضاهي أعنتها بقوة جيذها لها، وهي منازعتها لها أيضا. وقال الأبّيّ نقلا عن القاضي: يعني أن الخيول لقوتها في نفسها وصلابة أضراسها تضاهي أعنتها الحديد في القوة، وقد يكون ذلك في مضغها الحديد في الشدة. وقال البرقوقي في شرحه للديوان: أي أنها تجاري الأعنة في اللين وسرعة الانقياد. قال: ويجوز أن يكون المعنى، كما قال صاحب اللسان، يعارضنها في الجذب لقوة نفوسها وقوة رؤوسها وعلك حدائدها. قال القاضي: ووقع في رواية ابن الحذاء: يبارين الأسنة، وهي الرماح. قال فإن صحت هذه الرواية فمعناها أنهن يضاهين قوامها واعتدالها. وقال البرقوقي: مباراتها الأسنة أن يضجع الفارس رمحه فيركض الفرس ليسبق السنان.
(٩) مصعدات: أي مقبلات إليكم ومتوجهات. يقال: أصعد في الأرض، إذا ذهب فيها مبتدئا. ولا يقال للراجع.
(١٠) الأسل الظماء: الأسل: الرماح. والظماء: الرقاق. فكأنها لقلة مائها عطاش. وقيل المراد بالظماء العطاش لدماء الأعداء. قال البرقوقي: من قولهم أنا ظمان إلى لقائك.
(١١) تظل جنودنا متمطرات: أي تظل خيولنا مسرعات يسبق بعضها بعضا.
(١٢) تلطمهن بالخمر النساء: الخمر جمع خمار وهو ما تغطي به المرأة رأسها. أي يزلن عنهن الغبار. وهذا لعزتها وكرامتها عندهم. وقال البرقوقي: يقول تبعثهم الخيل فتنبعث النساء يضر بن الخيل بخمرهن لتردها. وكأن سيدنا حسان رضي الله عنه أوحي اليه بهذا وتكلم به عن ظهر الغيب. فقد رووا أن نساء مكة يوم فتحها ظللن يضربن وجوه الخيل ليرددنها.
(١٣) فان أعرضتمو عنا اعتمرنا.. إلخ: قال البرقوقي: اعتمرنا أي أدينا العمرة. وهي في الشرع زيارة البيت الحرام بالشروط المخصوصة المعروفة. والفرق بينها وبين الحج أن العمرة تكون-