للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له عمر، فلمّا دخل عليه قال: هي يا ابن الخطّاب، فو الله ما تعطينا الجزل «١» ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتّى همّ به، فقال له الحرّ: يا أمير المؤمنين! إنّ الله تعالى قال لنبيّه خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (الأعراف/ ١٩٩) .

وإنّ هذا من الجاهلين. والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقّافا عند كتاب الله) * «٢» .

٨-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: كان في بني إسرائيل القصاص، ولم تكن فيهم الدّية. فقال الله تعالى «٣» لهذه الأمّة: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ (البقرة/ ١٧٨) .

فالعفو أن يقبل الدّية في العمد فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ يتبع بالمعروف ويؤدّي بإحسان ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ممّا كتب على من كان قبلكم فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (البقرة/ ١٧٨) قتل بعد قبول الدّية) * «٤» .

٩-* (عن جرير بن عبد الله- رضي الله عنه- أنّه قام يوم مات المغيرة بن شعبة- رضي الله عنه- فحمد الله وأثنى عليه وقال: عليكم باتّقاء الله وحده لا شريك له، والوقار والسّكينة، حتّى يأتيكم أمير، فإنّما يأتيكم الان، ثمّ قال: استعفوا لأميركم، فإنّه كان يحبّ العفو. ثمّ قال: أمّا بعد، فإنّي أتيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قلت: أبايعك على الإسلام، فشرط عليّ «والنّصح لكلّ مسلم» . فبايعته على هذا، وربّ هذا المسجد إنّي لناصح لكم، ثمّ استغفر ونزل) * «٥» .

١٠-* (عن معاوية بن سويد- رضي الله عنه- قال: «لطمت مولى لنا فهربت، ثمّ جئت قبيل الظّهر فصلّيت خلف أبي، فدعاه ودعاني، ثمّ قال:

امتثل «٦» منه، فعفا) * «٧» .

١١-* (جلس ابن مسعود في السّوق يبتاع طعاما فابتاع، ثمّ طلب الدّراهم وكانت في عمامته فوجدها قد حلّت، فقال: لقد جلست وإنّها لمعي، فجعلوا يدعون على من أخذها ويقولون: اللهمّ اقطع يد السّارق الّذي أخذها، اللهمّ افعل به كذا، فقال عبد الله: «اللهمّ إن كان حمله على أخذها حاجة فبارك له فيها، وإن كان حملته جراءة على الذّنب فاجعله آخر ذنوبه» ) * «٨» .

١٢-* (وقال معاوية- رضي الله عنه-:

«عليكم بالحلم والاحتمال حتّى تمكنكم الفرصة، فإذا أمكنتكم فعليكم بالصّفح والإفضال» ) * «٩» .

١٣-* (عن ابن شهاب أنّه سئل: أعلى من سحر من أهل العهد قتل؟. قال: «بلغنا أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد صنع له ذلك فلم يقتل من صنعه، وكان من


(١) الجزل: الكريم المعطاء، والعاقل الأصيل الرأي.
(٢) البخاري- الفتح ٨ (٤٦٤٢) .
(٣) البقرة: آية ٧٨.
(٤) البخاري- الفتح ٨ (٤٤٩٨) .
(٥) البخاري- الفتح ١ (٥٨) واللفظ له، ومسلم (٥٦) . ورد هذا الأثر شرحا لحديث النبي صلّى الله عليه وسلّم «والنصح لكل مسلم» .
(٦) معنى: امتثل منه: افعل به مثل ما فعل بك.
(٧) مسلم (١٦٥٨) .
(٨) الإحياء (٣/ ١٩٦) .
(٩) الإحياء (٣/ ١٩٥) .