للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المؤمنين ما داموا محاربين» «١» . وقد اعتبرت الوثيقة منطقة المدينة حرما آمنا: «وأن يثرب حرام جوفها على أهل هذه الصحيفة» «٢» . وتعرض بعض بنود الوثيقة إلى حقوق الجار: «و

أن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم» «٣» ، وأكدت على «أنه لا تجار حرمة إلا بإذن أهلها» «٤» .

اعترف اليهود بموجب بنود هذه الاتفاقية بوجود سلطة قضائية عليا متمثلة في الرسول صلّى الله عليه وسلّم يرجع إليها سائر المواطنين في المدينة بما فيهم اليهود في حالات الأحداث، أو حصول الشجار والاختلاف بينهم وبين المسلمين: «وأن ما كان بين أهل الصحيفة من حدث، أو اشتجار يخاف فساده، فإن مردّه إلى الله وإلى محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإن الله على أتقى ما في الصحيفة وأبره» «٥» .

وقد منعت الوثيقة اليهود من إجارة قريش أو نصرها: «وأنه لا تجار قريش ولا من نصرها» «٦» . وكان الهدف من ذلك هو ضمان حرية المسلمين في التعرض لتجارة قريش التي كانت تمر غربي المدينة في طريقها من الشام وإليها. ويمكن اعتبار هذا البند ضمانة لمنع احتمال حصول خلاف حول ذلك مع اليهود في المدينة.

وقد امتدت المعاهدة لتشمل «حلفاء» الطرفين إذ اشترطت المعاهدة على كل من الطرفين مصالحة حلفاء الطرف الآخر، باستثناء من حارب في الدين، وذلك لأن المسلمين كانوا في حالة حرب دائمة معهم. ومن الواضح أن المقصود من ذلك هو التأكيد على استثناء قريش من المصالحة «٧» .

وفي الختام تضمنت الوثيقة مبدأ عاما في تحمل المسئولية الكاملة عن الظلم والجريمة لمرتكبيها بغض النظر عن بنود هذه الاتفاقية، وإعلانا عامّا بالأمن والسلام لمن خرج من المدينة ولمن بقي فيها باستثناء المجرمين: «وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم، وإنه من خرج آمن، ومن قعد آمن بالمدينة، إلّا من ظلم وأثم» ، «وأن الله جار لمن برّ واتّقى، ومحمد رسول الله» «٨» .

[إعلان دستور المدينة: «وثيقة التحالف بين المهاجرين والأنصار» :]

نظّمت وثيقة التحالف هذه العلاقات بين سكان المدينة، ووضّحت التزامات جميع الأطراف داخل المدينة، فقد شملت المعاهدة الخاصة بموادعة الرسول صلّى الله عليه وسلّم لليهود، كما أوضحت التزامات كل من المهاجرين والأنصار في جانبي الحقوق والواجبات.


(١) البند (٣٨) من الوثيقة.
(٢) البند (٣٩) من الوثيقة.
(٣) الفقرة (٤٠) من الوثيقة.
(٤) الفقرة (٤١) منها.
(٥) الفقرة (٤٢) من الوثيقة، ثم ألزمهم بضرورة التحاكم إلى شرع الله ما داموا تحت سلطان الحكومة المسلمة. لما نزل قول الله تعالى: وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ (سورة المائدة، الآية ٤٢) .
(٦) الفقرة (٤٣) من الوثيقة.
(٧) الفقرات (٤٤- ٤٦) من الوثيقة.
(٨) الفقرة (٤٧) من الوثيقة.