للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لدنّي عذرا «١» . فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيّفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقضّ «٢» فأقامه. يقول: مائل، قال الخضر بيده هكذا فأقامه «٣» . قال له موسى: قوم أتيناهم فلم يضيّفونا ولم يطعمونا لو شئت لاتّخذت عليه أجرا. قال: هذا فراق بيني وبينك. سأنبّئك بتأويل ما لم تسطع عليه صبرا. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يرحم الله موسى لوددت أنّه كان صبر حتّى يقصّ علينا من أخبارهما ... الحديث» ) * «٤»

١٠-* (عن أبي الدّرداء- رضي الله عنه- قال: إنّه قدم عليه رجل من المدينة وهو بدمشق. فقال:

ما أقدمك يا أخي؟ فقال: حديث بلغني أنّك تحدّثه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قال: أما جئت لحاجة؟ قال: لا.

قال: ما قدمت لتجارة؟ قال: لا. قال: ما جئت إلّا في طلب هذا الحديث؟ قال: فإنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله له طريقا إلى الجنّة، وإنّ الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم، وإنّ العالم ليستغفر له من في السّماوات ومن في الأرض حتّى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد، كفضل القمر على سائر الكواكب. إنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يوّرّثوا دينارا ولا درهما إنّما ورّثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظّ وافر» ) * «٥» .

١١-* (عن مالك بن الحويرث- رضي الله عنه- قال: أتينا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ونحن شببة «٦» متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، فظنّ أنّا اشتقنا أهلنا، وسألنا عمّن تركنا في أهلنا فأخبرناه، وكان رقيقا رحيما، فقال: «ارجعوا إلى أهليكم فعلّموهم ومروهم وصلّوا كما رأيتموني أصلّي، وإذا حضرت الصّلاة فليؤذّن لكم أحدكم، ثمّ ليؤمّكم أكبركم» ) * «٧» .

١٢-* (عن عائشة- رضي الله عنها- أنّها قالت: ألا أحدّثكم عنّي وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟. قلنا:

بلى. قالت: لمّا كانت ليلتي الّتي كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيها عندي، انقلب فوضع رداءه، وخلع نعليه، فوضعهما عند رجليه، وبسط طرف إزاره على فراشه، فاضطجع.

فلم يلبث إلّا ريثما «٨» ظنّ أن قد رقدت، فأخذ رداءه رويدا «٩» ، وانتعل رويدا، وفتح الباب فخرج. ثمّ


(١) بلغت من لدني عذرا: أي بلغت الغاية التي تعذر بسببها في فراقي.
(٢) ينقض: قرب من الانقضاض أو السقوط.
(٣) قال الخضر بيده هكذا: أي أشار بيده فأقامه. وهذا تعبير عن الفعل بالقول.
(٤) البخاري- الفتح ٦ (٣٤٠١) . ومسلم (٢٣٨٠) واللفظ له
(٥) الترمذي (٢٦٨٢) واللفظ له وعزاه في التحفة لأحمد (٢/ ٢٥٢، ٣٢٥) من حديث أبي هريرة، والدارمي (٣/ ٣٨١) النسخة الهندية وأبو داود (٣٦٤١) . وذكره الألباني في صحيح أبي داود: (٢/ ٦٩٤) برقم (٠٩٦- ٣) وقال: صحيح. وقال محقق «جامع الأصول» (٨/ ٦) : إسناده حسن.
(٦) شببة: جمع شابّ، مثل بررة جمع بارّ.
(٧) البخاري- الفتح ١٠ (٦٠٠٨) واللفظ له، ومسلم (٦٧٤) .
(٨) إلا ريثما: معناه إلا قدر ما.
(٩) أخذ رداءه رويدا: أي قليلا لطيفا لئلا ينبهها.