للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نخوة وهمّة، قيل له في مرضه: إنّ المريض يستريح إلى الأنين وإلى شرح ما به إلى الطّبيب. فقال أمّا الأنين فهو جزع وعار، والله لا يسمع الله منّي أنينا فأكون عنده جزوعا، وأمّا وصف ما بي إلى الطّبيب فو الله لا يحكم غير الله في نفسي إن شاء أمسكها وإن شاء قبضها) * «١» .

٩-* (عن عبّاد بن عبد الله بن الزّبير- رضي الله عنهما- قال: حدّثني أبي الّذي أرضعني- وكان أحد بني مرّة بن عوف. وكان في تلك الغزوة (غزوة مؤتة) ، قال: والله لكأنّي أنظر إلى جعفر- رضي الله عنه- حين اقتمّ «٢» عن فرس له شقراء ثمّ عقرها، ثمّ قاتل القوم حتّى قتل، وهو يقول:

يا حبّذا الجنّة واقترابها

طيّبة وبارد شرابها ... والرّوم روم قد دنا عذابها

كافرة بعيدة أنسابها ... عليّ إذ لاقيتها ضرابها

) * «٣» .

١٠-* (قال سعيد بن العاص: ما شاتمت رجلا مذ كنت رجلا، لأنّي لم أشاتم إلّا أحد رجلين:

إمّا كريم فأنا أحقّ أن أجلّه، وإمّا لئيم فأنا أولى أن أرفع نفسي عنه) * «٤» .

١١-* (قال الحافظ أبو بكر عبد الله بن الإمام الحافظ أبي داود السّجستانيّ، المولود سنة (٣٠٣ هـ) . قال: دخلت الكوفة ومعي درهم واحد فاشتريت به ثلاثين مدّا باقلّاء، فكنت آكل منه وأكتب عن الأشجّ عبد الله بن سعيد الكنديّ محدّث الكوفة، فما فرغ الباقلّاء حتّى كتبت عنه ثلاثين ألف حديث ما بين مقطوع ومرسل) * «٥» .

١٢-* (قال الحافظ الذّهبيّ في تذكرة الحفّاظ في ترجمة الإمام محمّد بن جرير الطّبريّ، قال أبو محمّد الفرغانيّ تلميذ ابن جرير: كان محمّد بن جرير لا تأخذه في الله لومة لائم مع عظم ما يؤذى، فأمّا أهل الدّين والعلم فغير منكرين علمه وزهده ورفضه الدّنيا وقناعته بما يجيئه من حصّة خلّفها له أبوه بطبرستان، قال: ورحل محمّد بن جرير لمّا ترعرع، وسمح له أبوه بالسّفر، وكان أبوه طول حياته يوجّه إليه بالشّيء بعد الشّيء إلى البلدان، فسمعته يقول: أبطأت منّي نفقة والدي واضطررت إلى أن بعت ثيابي. ولقد قال ابن جرير:

إذا أعسرت لم يعلم رفيقي ... وأستغني فيستغني صديقي

حيائي حافظ لي ماء وجهي ... ورفقي في مكالمتي رفيقي


(١) المستطرف للأبشيهي (١/ ١٤٢) .
(٢) اقتم عن فرس: نزل عنها.
(٣) البداية والنهاية (٤/ ٢٤٤) أبو داود من هذا الوجه، كما في الإصابة (١/ ٢٣٨) ، وأبو نعيم في الحلية (١/ ١١٨) .
(٤) المستطرف في كل فن مستظرف (١/ ١٣٦) .
(٥) انظر صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل لأبي غدة.