للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه: بنت أبي زرع. فما بنت أبي زرع؟ طوع أبيها وطوع أمّها. وملء كسائها «١» وغيظ جارتها «٢» . جارية أبي زرع. فما جارية أبي زرع؟ لا تبثّ حديثنا تبثيثا «٣» .

ولا تنقّث ميرتنا تنقيثا «٤» . ولا تملأ بيتنا تعشيشا» ..

الحديث) * «٥» .

١٥-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحبّ العسل والحلوى، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه فيدنو من إحداهنّ، فدخل على حفصة بنت عمر فاحتبس أكثر ما كان يحتبس، فغرت، فسألت عن ذلك، فقيل لي:

أهدت لها امرأة من قومها عكّة عسل، فسقت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم منه شربة، فقلت: أما والله لنحتالنّ له، فقلت لسودة بنت زمعة: إنّه سيدنو منك، فإذا دنا منك فقولي: أكلت مغافير «٦» ، فإنّه سيقول لك: لا، فقولي له: ما هذه الرّيح الّتي أجد منك؟ فإنّه سيقول لك:

سقتني حفصة شربة عسل، فقولي له: جرست نحله العرفط «٧» ، وسأقول ذلك. وقولي أنت يا صفيّة ذاك.

قالت تقول سودة: فو الله ما هو إلّا أن قام على الباب فأردت أن أبادئه بما أمرتني به فرقا منك. فلمّا دنا منها قالت له سودة: يا رسول الله، أكلت مغافير؟. قال:

«لا» . قالت: فما هذه الرّيح الّتي أجد منك؟ قال:

«سقتني حفصة شربة عسل» . فقالت: جرست نحله العرفط. فلمّا دار إليّ قلت له نحو ذلك. فلمّا دار إلى صفيّة قالت له مثل ذلك. فلمّا دار إلى حفصة قالت:

يا رسول الله، ألا أسقيك منه؟ قال: «لا حاجة لي فيه» . قالت: تقول سودة: والله لقد حرمناه «٨» ، قلت لها: اسكتي» ) * «٩» .

١٦-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: ما رأيت صانعا طعاما مثل صفيّة، صنعت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طعاما فبعثت به، فأخذني أفكل «١٠» فكسرت الإناء، فقلت: يا رسول الله، ما كفّارة ما صنعت؟ قال: «إناء مثل إناء وطعام مثل طعام» ) * «١١» .

١٧-* (عن هشام بن عروة؛ قال: «كان النّاس يتحرّون بهداياهم يوم عائشة، قالت عائشة:

فاجتمع صواحبي إلى أمّ سلمة فقلن: يا أمّ سلمة، والله إنّ النّاس يتحرّون بهداياهم يوم عائشة، وإنّا نريد الخير كما تريده عائشة، فمري رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن


(١) ملء كسائها: أي ممتلئة الجسم سمينة.
(٢) وغيظ جارتها: المراد بجارتها ضرتها.
(٣) لا تبث حديثنا تبثيثا: أي لا تشيعه وتظهره، بل تكتم سرنا وحديثنا كله.
(٤) ولا تنقث ميرتنا تنقيثا: الميرة الطعام المجلوب. ومعناه لا تفسده ولا تفرقه ولا تذهب به. ومعناه وصفها بالأمانة.
(٥) البخاري- الفتح ٩ (٥١٨٩) . ومسلم (٢٤٤٨) واللفظ له
(٦) مغافير: جمع مغفور، وهو صمغ حلو له رائحة كريهة
(٧) جرست نحله العرفط، أي رعت نحل هذا العسل الذي شربته الشجر المعروف بالعرفط.
(٨) حرمناه: أي منعناه.
(٩) البخاري- الفتح ٩ (٥٢٦٨) .
(١٠) أفكل: بفتح الهمزة والكاف بينهما فاء ساكنة هي الرعدة من برد أو خوف، والمراد أنها لما رأت حسن الطعام أخذتها الغيرة الشديدة فأصابتها بسببها الرعدة.
(١١) النسائي (٧/ ٧١) . وأبو داود ٣ (٣٥٦٨) وقال محقق جامع الأصول (٨/ ٤٣٧) : إسناده حسن.