للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حرف الفاء]

[الفرار إلى الله]

[الفرار لغة:]

مصدر قولهم: فرّ يفرّ وهو مأخوذ من مادّة (ف ر ر) الّتي تدلّ على الانكشاف وما يقاربه من الكشف عن الشّيء «١» ، يقال: فرّ يفرّ فرارا أي هرب، وتفارّوا أي تهاربوا، وفرس مفرّ: يصلح للفرار عليه.

والمفرّ: الموضع، وقال الرّاغب: أصل الفرّ: الكشف عن سنّ الدّابّة، ومن ذلك الافترار: وهو ظهور السّنّ من الضّحك، وأفررته: جعلته فارّا، وقول الله تعالى: قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ (الأحزاب/ ١٦) إنّما الفرار من الحرب، وقال ابن منظور: الفرّ والفرار:

الرّوغان والهرب.

فرّ يفرّ فرارا: هرب. ورجل فرور وفرورة وفرّار: غير كرّار، وفرّ، وصف بالمصدر، فالواحد والجمع سواء.

وفي حديث الهجرة: قال سراقة بن مالك حين نظر إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وإلى أبي بكر- رضي الله عنه، مهاجرين إلى المدينة فمرّا به فقال: هذان فرّ قريش، أفلا أردّ على قريش فرّها؟. يريد الفارّين من قريش، يقال منه: رجل فرّ ورجلان فرّ، لا يثنّى ولا يجمع. وقوله الآيات/ الأحاديث/ الاثار ١/ ٢/ ١٠

تعالى: أَيْنَ الْمَفَرُّ (القيامة/ ١٠) أي أين الفرار، وقرىء: أَيْنَ الْمَفَرُّ، أي أين موضع الفرار؟

والفرّى: الكتيبة المنهزمة، وكذلك الفلّى، وأفرّه غيره، وتفارّوا أي تهاربوا، وفرس مفرّ، بكسر الميم: يصلح للفرار عليه، ومنه قوله تعالى أَيْنَ الْمَفَرُّ بكسر الفاء: الموضع. وأفرّ به: فعل به فعلا يفرّ منه. وفي الحديث: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال لعديّ بن حاتم: «ما يفرّك عن الإسلام إلّا أن يقال لا إله إلّا الله» . أي: ما يحملك على الفرار إلّا التّوحيد. وكثير من المحدّثين يقولونه بفتح الياء وضمّ الفاء، قال:

والصّحيح الأوّل. وفي قول عاتكة:

أفرّ صياح القوم عزم قلوبهم ... فهنّ هواء، والحلوم عوازب

أي حملها على الفرار وجعلها خالية بعيدة غائبة العقول «٢» .

[واصطلاحا:]

لم تذكر كتب الاصطلاح عبارة «الفرار إلى الله» على أنّها مصطلح خاصّ، ولكنّ كتب التّفسير قد ذكرت ذلك عند تفسير قوله تعالى: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي


(١) لهذه المادة معنيان آخران هما: الخفّة والطّيش، وضرب من الحيوان. انظر في ذلك مقاييس اللغة (٤/ ٤٣٨) .
(٢) لسان العرب (٥/ ٥٠- ٥١) ، والصحاح (٣/ ٧٨٠) ، ومقاييس اللغة (٤/ ٤٣٨) ، والمفردات (٣٧٤) ، ونزهة الأعين النواظر (٤٦٣) .