للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تربت يمينك «١» ، ففيم يشبهها ولدها؟» ) * «٢» .

١٩-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: سألت امرأة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: كيف تغتسل من حيضتها؟ قال: فذكرت أنّه علّمها كيف تغتسل. ثمّ تأخذ فرصة من مسك «٣» فتطهّر بها. قالت: كيف أتطهّر بها؟. قال: «تطهّري بها. سبحان الله «٤» » .

واستتر (وأشار لنا سفيان بن عيينة بيده على وجهه) قال: قالت عائشة: واجتذبتها إليّ. وعرفت ما أراد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. فقلت: تتبّعي بها أثر الدّم. وقال ابن أبي عمر في روايته: فقلت: تتبّعي بها آثار الدّم» «٥» ) * «٦» .

٢٠-* (عن مجاهد قال: صحبت ابن عمر إلى المدينة فلم أسمعه يحدّث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلّا حديثا واحدا قال: كنّا عند النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فأتي بجمّار «٧» فقال:

«إنّ من الشّجر شجرة مثلها كمثل المسلم» . فأردت أن أقول هي النّخلة، فإذا أنا أصغر القوم فسكتّ. قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «هي النّخلة» ) * «٨» .

٢١-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: نهينا أن نسأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن شيء. فكان يعجبنا أن يجيء الرّجل من أهل البادية العاقل «٩» . فيسأله ونحن نسمع. فجاء رجل من أهل البادية. فقال: يا محمّد! أتانا رسولك. فزعم «١٠» لنا أنّك تزعم أنّ الله أرسلك؟ قال: «صدق» . قال: فمن خلق السّماء «١١» قال: «الله» . قال: فمن خلق الأرض؟.

قال: «الله» . قال: فمن نصب الجبال، وجعل فيها ما جعل؟. قال: «الله» . قال: فبالّذي خلق السّماء وخلق الأرض ونصب هذه الجبال. الله أرسلك؟. قال: «نعم.

قال: وزعم رسولك أنّ علينا خمس صلوات في يومنا


(١) تربت يمينك أي افتقرت وهي من الألفاظ التي يزجر بها ولا يراد بها ظاهرها.
(٢) البخاري- الفتح ١ (١٣٠) .
(٣) فرصة من مسك: مثال سدرة. قطعة قطن أو خرقة تستعملها المرأة في مسح دم الحيض. والمعنى تأخذ فرصة مطيبة من مسك.
(٤) سبحان الله: يراد بها التعجب. ومعنى التعجب هنا: كيف يخفى مثل هذا الظاهر الذي لا يحتاج الإنسان في فهمه إلى فكر.
(٥) تتبعي بها آثار الدم: قال جمهور العلماء: عنى به الفرج.
(٦) البخاري- الفتح ١ (٣١٤) . ومسلم ١ (٣٣٢) واللفظ له.
(٧) الجمّار: هو الّذي يؤكل من قلب النخل: يكون لينا.
(٨) البخاري- الفتح ١ (٧٢) . واللفظ له ومسلم (٢٨١١) .
(٩) العاقل: لكونه أعرف بكيفية السؤال وآدابه والمهم منه. وحسن المراجعة. فإن هذه أسباب عظم الانتفاع بالجواب. ولأن أهل البادية هم الأعراب. ويغلب فيهم الجهل والجفاء. والبادية والبدو بمعنى. وهو ما عدا الحاضرة والعمران. والنسبة إليها بدوي. والبداوة الإقامة بالبادية. وهي بكسر الباء عند جمهور أهل اللغة.
(١٠) فزعم رسولك: قوله زعم وتزعم مع تصديق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إياه، دليل على أن زعم ليس مخصوصا بالكذب والقول المشكوك فيه. بل يكون أيضا في القول المحقق والصدق الذي لا شك فيه.
(١١) فمن خلق السماء الخ: هذه جملة تدل على أنواع من العلم. قال صاحب التحرير: هذا من حسن سؤال هذا الرجل وملاحة سياقته وترتيبه. فإنه سأل أولا عن صانع المخلوقات من هو؟ ثم أقسم عليه به أن يصدقه في كونه رسولا للصانع. ثم لما وقف على رسالته وعلمها أقسم عليه بحق مرسله وهذا ترتيب يفتقر إلى عقل رصين. ثم إن هذه الأيمان جرت للتأكيد وتقرير الأمر. لا لافتقاره إليها. كما أقسم الله تعالى على أشياء كثيرة.