للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسميت بذلك «١» . وقد وقعت هذه الغزوة في شهر محرم سنة ثلاث للهجرة «٢» .

[غزوة قرقرة الكدر:]

جمعت قبيلتا غطفان وبنو سليم جموعا على ماء لبني سليم بقرقرة الكدر بهدف التحرك ضد المسلمين بسبب ما لحقهم من آثار سلبية اقتصاديّا من جرّاء جهود المسلمين في التصدي لقريش وإحكامهم الحصار الاقتصادي عليها. ويظهر أن هاتين القبيلتين كانتا تستفيدان من أنشطة الحركة التجارية المكية. وحين بلغت أنباء هذا التجمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قاد بنفسه جيشا من مائتي مقاتل وداهمهم على الماء. وقد فر المقاتلون من الجانب المعادي لمجرد سماعهم أنباء قدوم الرسول صلّى الله عليه وسلّم «٣» تاركين خلفهم جمالهم التي بلغ تعدادها ٥٠٠ بعير، فكانت غنيمة للمسلمين، وأقام النبي صلّى الله عليه وسلّم ثلاثة أيام في الموقع- كعادته في غزواته- قبل أن يعود إلى المدينة «٤» .

سريّة مقتل كعب بن الأشرف:

فصّل الإمام البخاري في خبر سريّة قتل ابن الأشرف وفي حادثة قتله «٥» ، وينتسب كعب بن الأشرف إلى بني نبهان من قبيلة طيء، كان أبوه قد أصاب دما في الجاهلية، فقدم إلى المدينة وحالف يهود بني النضير وتزوج عقيلة بنت أبي الحقيق فولدت له كعبا «٦» . وكان كعب شاعرا، ناصب الإسلام العداء، وقد غاظه انتصار المسلمين على قريش في معركة بدر، فسافر إلى مكة يهجو النبي صلّى الله عليه وسلّم ويحرّض قريشا على الثأر لقتلاهم الذين كان ينوح عليهم ويبكيهم في شعره، ويدعو إلى القضاء على الرسول والمسلمين «٧» . ولم يكتف كعب بذلك، بل إنه فضّل عقائد الجاهلية على الإسلام حين سأله أبو سفيان، وأكد أنها أحب إلى الله وأقرب إلى الحق، فأنزل الله بشأنه قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا «٨» .

وعلى الرغم من كل ذلك، فإنه عاد بصلافة إلى المدينة، وبادر بالتشبيب بنساء المسلمين بكل وقاحة «٩» ، وقد أهدر الرسول صلّى الله عليه وسلّم دمه وأمر بقتله «١٠» ، فأبدى محمد بن مسلمة الأنصاري استعداده لإنفاذ أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم فيه،


(١) الواقدي- مغازي ١/ ١٨١، ابن سعد- الطبقات ٢/ ٣١.
(٢) الطبري- تاريخ ٢/ ٤٨٤.
(٣) ابن هشام- السيرة ٢/ ٤٢١ وهذه الغزوة هي ليست ما ذكره ابن إسحاق حين خرج النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد سبع ليالي من عودته من بدر إلى بني سليم ولم يلق حربا (٣/ ٦٤) ، وانظر: الواقدي- مغازي ١/ ١٨١ وقد أشار الواقدي إلى وجود غلام اسمه يسار مع الجمال جعله المسلمون في سهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الغنيمة فأعتقه النبي صلّى الله عليه وسلّم.
(٤) ابن سعد- الطبقات ٢/ ٣١.
(٥) البخاري- الصحيح ٥/ ٢٥- ٢٦.
(٦) ابن هشام- السيرة ٣/ ٧٤- ٧٥ بإسناد مرسل، الطبري- تاريخ ٢/ ٤٨٨.
(٧) أبو داود- السنن ٣/ ٤٠٢، البيهقي- دلائل النبوّة ٣/ ١٩٧.
(٨) القرآن الكريم- سورة النساء، الآية/ ٥١.
(٩) ابن هشام- السيرة ٢/ ٥٦٤- ٦٥.
(١٠) ورد ذلك في الصحيحين: البخاري- الفتح (حديث ٤٠٣٧) ، مسلم ٣/ ١٤٢٥ (حديث ١٨٠١) ، أبو داود- السنن ٣/ ٢١١- ١٢.