للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلًا لَمًّا* وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا (الفجر ١٧- ٢٠) : (كلّا) ردع للإنسان عن قولهم، ثمّ قال: بل هنا شرّ من هذا القول، وهو أنّ الله تعالى يكرمهم بكثرة المال فلا يؤدّون فيه ما يلزمهم من إكرام اليتيم بالتّفقّد والمبرّة، وحضّ أهله على إطعام المسكين، ويأكلونه أكل الأنعام، ويحبّونه فيشحّون به) * «١» .

٢٣-* (قال أبو حيّان: قال المفسّرون في قوله تعالى: ... وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا ... الآية (آل عمران/ ٣٧) : إنّ حنّة حين ولدت مريم لفّتها في خرقة وحملتها إلى المسجد فوضعتها عند الأحبار أبناء هارون وهم في بيت المقدس كالحجبة في الكعبة، فقالت لهم: دونكم هذه النّذيرة، فتنافسوا فيها، لأنّها كانت بنت إمامهم وصاحب قربانهم، وكانت بنو ماثان رؤوس بني إسرائيل وأحبارهم وملوكهم، فقال لهم زكريّا: «أنا أحقّ بها، عندي خالتها» ، فقالوا: لا، حتّى نقترع عليها، فانطلقوا وكانوا سبعة وعشرين إلى نهر، قيل:

هو نهر الأردنّ، وهو قول الجمهور، وقيل: في عين ماء كانت هناك فألقوا فيه أقلامهم فارتفع قلم زكريّا، ورسبت أقلامهم فتكفّلها، قيل: واسترضع لها، وقال الحسن: لم تلتقم ثديا قطّ، وقال عكرمة: ألقوا أقلامهم فجرى قلم زكريّا عكس جرية الماء، ومضت أقلامهم مع جرية الماء، وقيل: عامت مع الماء معروضة وبقي قلم زكريّا واقفا كأنّما ركز في طين.

قال ابن اسحاق: إنّ زكريّا كان تزوّج خالتها، لأنّه وعمران كانا سلفين على أختين، ولدت امرأة زكريّا يحيى، وولدت امرأة عمران مريم. وقال السّدّيّ وغيره:

كان زكريّا تزوّج ابنة أخرى لعمران، ويعضّد هذا القول قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في يحيى وعيسى «ابنا الخالة» وقيل: إنّما كفلها لأنّ أمّها هلكت، وكان أبوها قد هلك وهي في بطن أمّها) * «٢» .

٢٤-* (قيل لمحمّد بن جعفر الصّادق: لم أوتم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من أبويه؟ فقال: لئلّا يكون لمخلوق عليه حق) * «٣» .

٢٥-* (قال النّيسابوريّ: قال أهل التّحقيق:

الحكمة في يتم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يعرف قدر الأيتام، فيقوم بأمرهم، وأن يكرم اليتيم المشارك له في الاسم) * «٤» .


(١) البحر المحيط (٨/ ٤٦٦) .
(٢) تفسير الطبري المجلد الثالث (٣/ ١٦٣، ١٦٤) ، والقرطبي (٤/ ٧١) ، والبحر المحيط (٢/ ٤٦٠) والنص منه.
(٣) تفسير القرطبي (٢٠/ ٩٦) .
(٤) غرائب القرآن ورغائب الفرقان- بهامش تفسير الطبري (٣٠/ ١١١) .