للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قول كلاما، لأنّ الكلام ما أفاد والقول قد يفيد وقد لا يفيد وقد يطلق القول ويراد به الظّنّ «١» .

[لفظ القول في القرآن الكريم:]

قال ابن الجوزيّ: ذكر بعض المفسّرين أنّ القول في القرآن الكريم على خمسة أوجه:

أحدها: القرآن، ومنه قوله تعالى: فَبَشِّرْ عِبادِ* الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ (الزمر/ ١٧- ١٨) .

الثّاني: الشّهادتان، ومنه قوله تعالى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ (إبراهيم/ ٢٧) .

الثّالث: السّابق في العلم، ومنه قوله تعالى:

وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي ... (السجدة/ ١٣) .

الرّابع: العذاب، ومن ذلك قول الله تعالى:

وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ (النمل/ ٨٢) .

الخامس: نفس القول (أي الكلام مطلقا) ، ومنه قوله عزّ ومن قائل: فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ (البقرة/ ٥٩) .

[الطيب لغة واصطلاحا:]

الطّيّب في اللّغة ضدّ الخبيث ويختلف في الاصطلاح باختلاف ما يوصف به، فإذا وصف به المولى عزّ وجلّ أريد أنّه منزّه عن النّقائص مقدّس عن الآفات والعيوب، وإذا وصف به العبد مطلقا أريد به أنّه المتعرّي عن رذائل الخلق وقبائح الأعمال والمتحلّي بأضداد ذلك، وإذا وصف به الأموال أريد به كونه حلالا من خيار المال «٢» ، قلت: وهو إذا وصفت به الأقوال أريد به كونها ممّا يطيب به صاحبها أمام مولاه لكونها ذكرا أو دعاء أو تلاوة للقرآن أو ممّا يستطيبها سامعها لكونها تحيّة أو نحوها ممّا يسعد الخاطر ويجلب السرّور.

[الكلم الطيب اصطلاحا:]

قال الكفويّ: الكلم الطّيّب: هو الذّكر والدّعاء وقراءة القرآن وعنه صلّى الله عليه وسلّم: «هو: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر» «٣» .

وقال القرطبيّ: الكلم الطّيّب هو التوحيد الصّادر عن عقيدة طيّبة، وقيل هو التّحميد والتّمجيد وذكر الله ونحو ذلك «٤» .

ومن الكلم الطّيّب أيضا حديث المصطفى صلّى الله عليه وسلّم لأنّه يبلّغ عن الله- عزّ وجلّ- ويدعو إليه وقد قال سبحانه: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ (فصلت/ ٣٣) وقد كان صلّى الله عليه وسلّم إمام الدّعاة إلى الله عزّ وجلّ، وقد أقسم الله عزّ وجلّ على أنّه صلّى الله عليه وسلّم مؤتمن على الوحي وذو قوّة على تبليغ الرّسالة فقال سبحانه:

إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ* ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ* مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ* وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ «٥» (التكوير ١٩/ ٢٢) . وقد دعا صلّى الله عليه وسلّم لمن سمع قوله الكريم فبلّغه إلى غيره فقال: «نضّر الله امرأ سمع


(١) نزهة الأعين النواظر (٤٨٧) .
(٢) كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي (٢/ ٩٠٤) .
(٣) الكليات للكفوي (٤/ ٩٩) .
(٤) تفسير القرطبي (١٤/ ٣٢٩) .
(٥) هذا أحد تفسيرين للآية الكريمة، وهناك تفسير آخر بأن المقصود بصاحب القول هو جبريل عليه السلام، انظر في هذين الرأيين، تفسير القرطبي ج ١٩ ص ٢٣٦، وقد ورد التفسيران أيضا في الآية ٤٠ من سورة الحاقة، انظر المرجع السابق ١٨/، ٢٧٤