للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٣-* (وقال أيضا: جاهد نفسك بأسياف الرّياضة. والرّياضة على أربعة أوجه: القوت من الطّعام، والغمض من المنام، والحاجة من الكلام، وحمل الأذى من جميع الأنام، فيتولّد من قلّة الطّعام موت الشّهوات، ومن قلّة المنام صفو الإرادات، ومن قلّة الكلام السّلامة من الآفات، ومن احتمال الأذى البلوغ إلى الغايات. وليس على العبد شيء أشدّ من الحلم عند الجفاء، والصّبر على الأذى، وإذا تحرّكت من النّفس إرادة الشّهوات والآثام، وهاجت منها حلاوة فضول الكلام جرّدت سيوف قلّة الطّعام من غمد التّهجّد وقلّة المنام، وضربتها بأيدي الخمول وقلّة الكلام، حتّى تنقطع عن الظّلم والانتقام، فتأمن من بوائقها من بين سائر الأنام، وتصفّيها من ظلمة شهواتها فتنجو من غوائل آفاتها، فتصير عند ذلك نظيفة ونوريّة خفيفة روحانيّة، فتجول في ميدان الخيرات، وتسير في مسالك الطّاعات، كالفرس الفاره في الميدان وكالملك المتنزّه في البستان) * «١» .

٢٤-* (كان مالك بن دينار يطوف في السّوق فإذا رأى الشّيء يشتهيه قال لنفسه: اصبري، فو الله ما أمنعك إلّا من كرامتك عليّ) * «٢» .

٢٥-* (قال بعض العارفين في قوله تعالى وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا (العنكبوت/ ٦٩) : ومن جملة المجاهدات مجاهدة النّفس بالصّبر عند الابتلاء، ليعقب ذلك أنس الصّفاء، وينزع عنه لباس الجفاء) * «٣» .

[من فوائد (مجاهدة النفس)]

(١) إخضاع النّفس والهوى لطاعة الله عزّ وجلّ.

(٢) إبعادها عن الشّهوات وصدّ القلب عن التّمنّي والتّشهّي.

(٣) تعوّد الصّبر عند الشّدائد على الطّاعات وعن المعاصي.

(٤) طريق قويم يوصّل إلى رضوان الله تعالى والجنّة.

(٥) قمع للشّيطان ووساوسه.

(٦) نهي النّفس عن الهوى فيه خير الدّنيا والآخرة.

(٧) من جاهد نفسه وأدّبها سما بين أقرانه وفي مجتمعه.

(٨) سوء الظّنّ بالنّفس يعين على محاسبتها، وتأديبها.

(٩) من يجاهد نفسه يمتلك ناصية الخير ويصبح حسن الأخلاق.

(١٠) تحقّق إنكار الذّات وتصفّي الجماعة من الأثرة الضّارة بالجماعة والمجتمع.


(١) إحياء علوم الدين (٣/ ٦٦) .
(٢) المرجع السابق (٣/ ٦٧) .
(٣) دليل الفالحين (١/ ٣٠٢) .