للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[المراقبة]

[المراقبة لغة:]

مصدر قولهم: راقب مراقبة وهو مأخوذ من مادّة رقب الّتي تدلّ على «انتصاب» لمراعاة شيء ومن ذلك: الرّقيب وهو الحافظ، يقال منه: رقبت أرقب رقبة ورقبانا، والمرقب: المكان العالي يقف عليه النّاظر ومن ذلك اشتقاق الرّقبة لأنّها منتصبة، ولأنّ النّاظر لا بدّ ينتصب عند نظره، ويقال أرقبت فلانا هذه الدّار، وذلك أن تعطيه إيّاها يسكنها، ثمّ يقول له إن متّ قبلي رجعت إليّ، وإن متّ قبلك فهي لك، وهذا من المراقبة كأنّ كلّ واحد منهما يرقب موت صاحبه، والرّقوب: المرأة الّتي لا يعيش لها ولد كأنّها ترقبه لعلّه يبقى لها، وجاء في الصّحاح: والرّقيب: المنتظر، والرّقيب الموكّل بالضّريب، والرّقيب: الثّالث من سهام الميسر، والتّرقّب: الانتظار، وكذلك: الارتقاب.

قال تعالى: وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (هود/ ٩٣) .

وقال ابن منظور: راقب الله تعالى في أمره أي خافه، ورقبه يرقبه رقبة ورقبانا، بالكسر فيهما، ورقوبا، وترقّبه، وارتقبه: انتظره ورصده، وارتقب: أشرف وعلا، والمرقب والمرقبة: الموضع المشرف، يرتفع عليه الرّقيب.

الآيات/ الأحاديث/ الآثار/

٥/ ١٩ ورقب الشّيء يرقبه: حرسه، وفي أسماء الله تعالى:

(الرّقيب) : وهو الحافظ الّذي لا يغيب عنه شيء، فعيل بمعنى فاعل «١» .

[المراقبة اصطلاحا:]

قال ابن القيّم: المراقبة دوام علم العبد وتيقّنه باطّلاع الحقّ سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه «٢» .

وقال المحاسبيّ: المراقبة: دوام علم القلب بعلم الله- عزّ وجلّ- في السّكون والحركة علما لازما مقترنا بصفاء اليقين.

أمّا أوّل المراقبة فهو علم القلب بقرب الرّبّ عزّ وجلّ «٣» .

[بيان حقيقة المراقبة ودرجاتها:]

اعلم أنّ حقيقة المراقبة هي ملاحظة الرّقيب وانصراف الهمم إليه، فمن احترز من أمر من الأمور بسبب غيره، يقال إنّه يراقب فلانا، ويراعي جانبه، ويعني بهذه المراقبة حالة للقلب يثمرها نوع من المعرفة، وتثمر تلك الحالة أعمالا في الجوارح وفي القلب. أمّا الحالة فهي مراعاة القلب للرّقيب واشتغاله


(١) مقاييس اللغة (٢/ ٤٢٧) ولسان العرب (١/ ٤٢٤/ ٤٢٦) .
(٢) مدارج السالكين (٢/ ٦٨) .
(٣) الوصايا للمحاسبى (٣١٣) بتصرف واختصار.