للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول وقد فاضت بعيني عبرة ... أرى الدّهر يبقى والأخلّاء تذهب

أخلّاي! لو غير الحمام أصابكم ... عتبت ولكن ليس للدّهر معتب

قوله: عتبت أي سخطت، أي لو أصبتم في حرب لأدركنا بثأركم وانتصرنا، ولكنّ الدّهر لا ينتصر منه.

وعاتبه معاتبة وعتابا: لامه. قال الشّاعر:

أعاتب ذا المودّة من صديق ... إذا ما رابني منه اجتناب

إذا ذهب العتاب فليس ودّ ... ويبقى الودّ ما بقي العتاب

والعتبى: الرّضا، وأعتبه: أعطاه العتبى وأرضاه، والعتبى (أيضا) رجوع المعتوب عليه إلى ما يرضي العاتب، والإعتاب كذلك، والاستعتاب طلبك إلى المسيء الرّجوع عن إساءته، وقال أبو منصور: العتب والعتبان: لومك الرّجل على إساءة كانت له إليك، فاستعتبته منها، وكلّ واحد من اللّفظين (العتب والعتبان) يخلص للعاتب، فإذا اشتركا في ذلك، وذكّر كلّ واحد منهما صاحبه ما فرط منه إليه من الإساءة، فهو العتاب والمعاتبة، وفي الحديث: كان يقول لأحدنا عند المعتبة «١» :

ماله تربت يمينه! والعتب: الرّجل الّذي يعاتب صاحبه أو صديقه في كلّ شيء إشفاقا عليه ونصيحة له، والعتوب: الّذي لا يعمل فيه العتاب، ويقال إذا تعاتبوا: أصلح ما بينهم العتاب، وروي عن أبي الدّرداء أنّه قال: معاتبة الأخ خير من فقده، والعتبى اسم على فعلى، يوضع موضع الإعتاب وهو الرّجوع عن الإساءة إلى ما يرضي العاتب، وفي الحديث: لا يعاتبون في أنفسهم، يعني لعظم ذنوبهم وإصرارهم عليها، وإنّما يعاتب من ترجى عنده العتبى، وفي الحديث الشّريف: لا يتمنّينّ أحدكم الموت، إمّا محسنا فلعلّه يزداد، وإمّا مسيئا فلعلّه يستعتب، أي يرجع عن الإساءة ويطلب الرّضا، ومنه الحديث. «ولا بعد الموت من مستعتب» معناه: ليس بعد الموت من استرضاء، لأنّ الأعمال بطلت، وانقضى زمانها، وما بعد الموت دار جزاء لا دار عمل «٢» .

[المعاتبة اصطلاحا:]

قال المناويّ: العتاب هو مخاطبة الإدلال ومذاكرة الموجدة «٣» .

وقال أبو منصور الأزهريّ:

التّعتّب والمعاتبة والعتاب: كلّ ذلك مخاطبة المدلّين أخلّاءهم، طالبين حسن مراجعتهم ومذاكرة بعضهم بعضا ما كرهوه ممّا كسبهم الموجدة «٤» .

[التوسط فى المعاتبة:]

قال الماورديّ- رحمه الله-: إنّ كثرة العتاب تكون سببا للقطيعة، واطّراح جميعه دليل علي قلّة الاكتراث بأمر الصّديق، وقد قيل: علّة المعاداة قلّة المبالاة، والمفروض أن تتوسّط الحال بين العتاب وتركه،


(١) المعتبة: بفتح التاء وكسرها: من الموجدة أي الغضب.
(٢) مقاييس اللغة لابن فارس (٢/ ٢٢٦) المفردات للراغب (٣٢١) الصحاح للجوهرى (١/ ١٧٦) لسان العرب «عتب» (٢٧٩٣) ط. دار المعارف، وبصائر ذوى التمييز (٤/ ١٧) .
(٣) التوقيف (٢٣٦) .
(٤) تهذيب اللغة للأزهرى (٢/ ٢٧٨) .