للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأحاديث الواردة في (المعاتبة)]

١-* (عن أميّة أنّها سألت عائشة- رضي الله عنها- عن قول الله تعالى: وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ وعن قوله: مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ فقالت: ما سألني عنها أحد منذ سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «هذه معاتبة الله العبد فيما يصيبه من الحمّى والنّكبة، حتّى البضاعة يضعها في كمّ قميصه، فيفقدها فيفزع لها، حتّى إنّ العبد ليخرج من ذنوبه كما يخرج التّبر «١» الأحمر من الكير «٢» » ) * «٣» .

٢-* (عن عمرو بن تغلب- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أتي بمال- أو سبي- فقسمه فأعطى رجالا وترك رجالا، فبلغه أنّ الّذين ترك عتبوا، فحمد الله، ثمّ أثنى عليه، ثمّ قال: «أمّا بعد، فو الله إنّي لأعطي الرّجل، والّذي أدع أحبّ إليّ من الّذي أعطي، ولكن أعطي أقواما لما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع «٤» ، وأكل أقواما إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير، فيهم عمرو بن تغلب» . فو الله ما أحبّ أنّ لي بكلمة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حمر النّعم «٥» ) * «٦» .

٣-* (عن سعيد بن جبير- رحمه الله. قال:

قلت لابن عبّاس- رضي الله عنهما-: إنّ نوفا البكاليّ «٧» يزعم أنّ موسى- عليه السّلام- صاحب بني إسرائيل ليس هو موسى صاحب الخضر «٨» عليه السّلام- فقال: كذب عدوّ الله «٩» سمعت أبيّ ابن كعب يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «قام موسى- عليه السّلام- خطيبا في بني إسرائيل، فسئل: أيّ النّاس أعلم؟ فقال: أنا أعلم. قال: فعتب الله عليه إذ لم يردّ العلم إليه. فأوحى الله إليه أنّ عبدا


(١) التبر: الذهب، وقيل: هو ما كان من الذهب غير مضروب.
(٢) الكير: الزقّ الذي ينفخ فيه الحداد، والجمع أكيار وكيرة
(٣) الترمذي (٢٩٩١) وقال: هذا حديث حسن غريب من حديث عائشة لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة، وأحمد (٦/ ٢١٨) وفي سنده عندهما: علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف احتج به مسلم في المتابعات والشواهد، والحديث بمعناه عند أبي داوود ٣٠٩٣ وله شواهد كثيرة ضعيفة وحسنة وصحيحة جمعها الحافظ ابن كثير في تفسير الآية ١٢٣ من سورة النساء.
(٤) الهلع: هو أسوأ الجزع وأفحشه، وقيل: الحرص.
(٥) حمر النّعم: الإبل والشاء وقيل: الإبل والبقر والغنم يذكّر ويؤنث، والجمع أنعام وجمع الجمع أناعيم، وبعير أحمر وإبل حمراء والجمع حمر- بسكون الميم- والعرب تقول: خير الإبل حمرها، لأنها أصبر على السير في الهواجر.
(٦) البخاري- الفتح ٢ (٩٢٣) .
(٧) نوف البكالي: نسبة إلي بني بكال من حمير وهو صاحب عليّ- عليه السلام- والمحدّثون يقولون: نوف البكّاليّ- بفتح الباء وتشديد الكاف-.
(٨) الخضر بفتح الخاء وكسر الضاد- اختلف في اسمه وفي كونه نبيّا أو وليا في أقوال عديدة أوردها ابن حجر في فتح الباري (٦/ ٤٩٩- ٢٠٥) وورد في حديث صحيح في البخاري ٦ (٣٤٠٢) عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز من خلفه خضراء.
(٩) كذب عدو الله: قال العلماء: هو على وجه الإغلاظ والزجر عن مثل قوله. لا أنه يعتقد أنه عدو الله حقيقة. إنما قاله مبالغة في إنكار قوله، لمخالفته قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وكان ذلك في حال غضب ابن عباس. لشدة إنكاره. وحال الغضب تطلق الألفاظ ولا تراد بها حقائقها.