للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ «١» .

وقد ثبت بنص القرآن الكريم «٢» والحديث النبوي الشريف «٣» أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر بتحريق وقطع بعض نخل بني النضير خلال الحصار، قال تعالى: ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ «٤» .

وقد خرج يهود بني النضير إلى خيبر، ومنهم من سار إلى الشام «٥» ، وقد أسلم منهم اثنان ولذلك فإنهما أحرزا أموالهما «٦» . أما باقي أموالهم وبساتينهم فكانت نفلا للرسول صلّى الله عليه وسلّم «٧» ، كان ينفق على أهله منها نفقة سنة، ويجعل الفاضل عدّة في سبيل الله «٨» . أما أرضهم فقد قسمها بين المهاجرين خاصّة، وأعطى اثنين من الأنصار لفقرهما «٩» .

لم يتوقف حقد يهود بني النضير وكيدهم للإسلام بإجلائهم وتخليص المدينة وما حولها من شرورهم، فقد ثبت أنهم ساهموا في التحريض على تجميع الأحزاب في مواجهة الإسلام والكيد له فكانت غزوة الخندق «١٠» .

[غزوة بدر الموعد:]

تنفيذا للموعد الذي كان أبو سفيان قد اقترحه في أعقاب معركة أحد، والتزام الرسول صلّى الله عليه وسلّم بذلك، فقد خرج النبي صلّى الله عليه وسلّم من المدينة على رأس جيش من أصحابه قوامه ألف وخمسمائة مقاتل بينهم عشرة من الخيّالة وذلك في ذي القعدة سنة ٤ هـ، وحمل لواء الجيش علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- فوصلوا بدرا فأقاموا فيها ثمانية أيام بانتظار وصول قوات المشركين من قريش بقيادة أبي سفيان بحسب الموعد بين الطرفين، غير أن أحدا من المشركين لم يصل إلى بدر، وكان أبو سفيان قد جمّع قوات قريش وحلفائها التي تألفت من ألفي مقاتل معهم خمسون فرسا، فلما وصلوا إلى مر الظهران، نزلوا على مياه مجنّة على بعد أربعين ميلا من مكة، ثم عاد بهم أبو سفيان إلى مكة بحجة أن


(١) القرآن الكريم- سورة الحشر، الآية ٢.
(٢) القرآن الكريم- سورة الحشر، الآية/ ٥.
(٣) البخاري- الصحيح ٣/ ١١، ١٤٣، أبو داود- السنن ٣/ ٣٦، الترمذي- السنن (تحفة الأحوذي ٥/ ١٥٧- ١٥٨) ، ابن ماجه- السنن ٣/ ٩٤٨- ٩٤٩.
(٤) سورة الحشر- الآية/ ٥.
(٥) عبد الرزاق الصنعاني- المصنف ٥/ ٣٥٨- ٣٦١ بإسناد صحيح، ابن هشام- السيرة ٣/ ٢٦٩، برواية ابن إسحاق معلّقا.
(٦) وهما يامين بن عمر بن كعب، وأبو سعد بن وهب، انظر: ابن هشام- السيرة ٣/ ٢٧٠.
(٧) كما ورد بنص القرآن في قوله تعالى: وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ ... الآية، ونزول سورة الحشر في بني النضير، وانظر: البخاري- الصحيح (الأحاديث ٤٨٨٢- ٤٨٨٣) ، مسلم- الصحيح ٣/ ١٣٨٨- ١٣٩٠ (الأحاديث ١٧٦٨- ١٧٦٩) .
(٨) البخاري- الصحيح (حديث ٤٨٨٥) .
(٩) وهما سهل بن حنيف وأبو دجانة، انظر: الصنعاني ٥/ ٣٥٨- ٦١، أبو داود ٣/ ٤٠٣- ٤٠٤ (حديث ٣٠٠٤) ولم يصرح باسميهما، وابن إسحاق بإسناد منقطع، ابن هشام- السيرة ٣/ ٢٧٠.
(١٠) يرد ذكر مقتل سلام بن أبي الحقيق في غزوة خيبر لأنه حرّض الأحزاب. وقد أورد ابن هشام في السيرة أسماء اليهود الذين ساهموا في ذلك التحريض، بإسناد منقطع، وانظر: الصنعاني- المصنف ٥/ ٣٦٨- ٣٧٣، ابن سعد- الطبقات ٣/ ٦٥- ٦٦.