للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[واصطلاحا:]

قال الجرجانيّ: النّزاهة: هي عبارة عن اكتساب مال من غير مهانة ولا ظلم للغير «١» وأضاف المناويّ إلى عدم المهانة والظّلم قيدا آخر في تعريف النّزاهة:

هو «الإنفاق في المصارف الحميدة، فقال: النّزاهة: هي اكتساب المال من غير مهانة ولا ظلم، وإنفاقه في المصارف الحميدة «٢» .

وقال الماورديّ: النّزاهة تكون عن المطامع الدّنيّة ومواقف الرّيبة «٣» .

[أنواع النزاهة:]

قال الماورديّ: النّزاهة نوعان: أحدهما:

النّزاهة عن المطامع الدّنيّة. والثّاني: النّزاهة عن مواقف الرّيبة، فأمّا المطامع الدّنيّة، فلأنّ الطمع ذلّ، والدّناءة لؤم، وهما أدفع شيء للمروءة وقد كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول في دعائه: اللهمّ إنّي أعوذ بك من طمع يهدي إلى طبع، أي إلى شين وعيب.

وقال بعض الشّعراء:

لا تخضعنّ لمخلوق على طمع ... فإنّ ذلك نقص منك في الدّين

واسترزق الله ممّا في خزائنه ... فإنّما هو بين الكاف والنّون

والباعث على ذلك شيئان: الشّره، وقلّة الأنفة، فلا يقنع بما أوتي وإن كان كثيرا، لأجل شرهه، ولا يستنكف ممّا منع وإن كان حقيرا، لقلّة أنفته. وهذه حال من لا يرضى لنفسه قدرا، ويرى المال أعظم خطرا، فيرى بذل أهون الأمرين لأجلّهما مغنما، وليس لمن كان المال عنده أجلّ، ونفسه عليه أقلّ، إصغاء لتأنيب، ولا قبول لتأديب. وحسم هذه المطامع شيئان: اليأس، والقناعة. وقد روى عبد الله بن مسعود، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «إنّ روح القدس نفث في روعي «٤» : أنّ نفسا لن تموت حتّى تستوفي رزقها؛ فاتّقوا الله وأجملوا في الطّلب، ولا يحملنّكم إبطاء الرّزق على أن تطلبوه بمعاصي الله تعالى، فإنّ الله- عزّ وجلّ- لا يدرك ما عنده إلّا بطاعته» فهذا شرط. وأمّا مواقف الرّيبة فهي التّردّد بين منزلتي حمد وذمّ، والوقوف بين حالتي سلامة وسقم، فتتوجّه إليه لائمة المتوهّمين، ويناله ذلّة المريبين، وكفى بصاحبها موقفا، إن صحّ افتضح، وإن لم يصحّ امتهن. وقد قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» . والدّاعي إلى هذه الحال شيئان: الاسترسال، وحسن الظّنّ.

والمانع منهما شيئان: الحياء والحذر. وربّما انتفت الرّيبة بحسن الثّقة، وارتفعت التّهمة بطول الخبرة «٥» .

[للاستزادة: انظر صفات: الشهامة- العفة- المروءة- الورع- الرجولة- الشرف- علو الهمة.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: الاحتكار- أكل الحرام- التطفيف- الغلول- التناجش- صغر الهمة- الدياثة- الخنوثة] .


(١) التعريفات (٢٦٠) .
(٢) التوقيف على مهمات التعاريف (٣٢٣) .
(٣) أدب الدنيا والدين (٣١٤) .
(٤) الروع: القلب والفؤاد (انظر: المعجم الوسيط «روع» ) .
(٥) أدب الدنيا والدين (٣١٤، ٣١٥) .