للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كانت دوابّهم نشيطة، وأنشطه الكلأ أسمنه «١» .

[النشاط اصطلاحا:]

قال ابن الأثير: المنشط: مفعل من النّشاط وهو الأمر الّذى تنشط له وتخفّ إليه وتؤثر فعله، وهو مصدر بمعنى النّشاط، ومن ثمّ يكون النّشاط هو أن يخفّ الإنسان إلى الأمر ويؤثر فعله.

وقال الإمام ابن حجر في شرح قوله صلّى الله عليه وسلّم «بايعنا على السّمع والطّاعة في منشطنا ومكرهنا، أي في حالة نشاطنا، وفي الحالة الّتي نكون فيها عاجزين عن العمل بما نؤمر به، والظّاهر أنّه أراد في وقت الكسل والمشقّة في الخروج ليطابق قوله «منشطنا» قال ابن حجر- رحمه الله-: ويؤيّده ما وقع في رواية إسماعيل بن عبيد «في النّشاط والكسل» ، ونستنبط من ذلك أنّ النّشاط يقابله الكسل، وإذا كانت كتب المصطلحات لم تعرّف النّشاط فإنّها عرّفت الكسل، فقال ابن المناويّ: الكسل هو التّغافل عمّا لا ينبغي التّغافل عنه، وقال الرّاغب: الكسل هو التّثاقل عمّا لا ينبغي التّثاقل عنه. ونستطيع على ضوء ذلك أن نعرّف النّشاط اصطلاحا فنقول: النّشاط هو عدم التّغافل عمّا لا ينبغي التّغافل عنه أو هو عدم التّثاقل عمّا لا ينبغي التّثاقل عنه.

أهمية النشاط واطّراح الكسل:

قال الرّاغب في الذّريعة: من تعطّل وتبطّل انسلخ من الإنسانيّة، بل من الحيوانيّة، وصار من جنس الموتى، وحقّ الإنسان أن يتأمّل قوّته ويسعى بحسب ذلك إلى ما يفيده السّعادة، ويتحقّق أنّ اضطرابه (أي نشاطه) سبب وصوله من الذّلّ إلى العزّ، ومن الفقر إلى الغنى، ومن الضّعة إلى الرّفعة، ومن الخمول إلى النّباهة، وعليه أن يعلم أنّ من تعوّد الكسل ومال إلى الرّاحة فقد الرّاحة (فحبّ الهوينى يكسب النّصب) ، وقد قيل: إذا أردت ألّا تتعب، فاتعب لئلّا تتعب، وقد قيل (أيضا) إيّاك والكسل والضّجر فإنّك إن كسلت لم تؤدّ حقّا، وإن ضجرت لم تصبر على الحقّ، وإذا تأمّلت قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم «سافروا تغنموا» ونظرت إليه نظرا عاليا علمت أنّه حثّك على التّحرّك (أي النّشاط) الّذي يثمر لك جنّة المأوى، ومصاحبة الملإ الأعلى بل مجاورة الله تعالى «٢» .

[للاستزادة: انظر صفات: الرجولة- القوة- قوة الإرادة- العمل- علو الهمة- العزم والعزيمة.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: التهاون- الضعف- الكسل- الوهن- التفريط والإفراط] .


(١) مقاييس اللغة (٥/ ٤٢٦) ، والمفردات للراغب (٤٩٣) ، والصحاح (٣/ ١١٩٣) ، اللسان (٧/ ٤٤٢٨) ، القاموس المحيط (٨٩٠) ط. بيروت.
(٢) كتاب الذريعة إلى مكارم الشريعة، ص ٣٨٣ وما بعدها.