للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإيمانية العالية التي سيطرت على المسلمين في موقع العمل مما مكّنهم من إنجاز متطلبات خطة الدفاع، والاستعداد قبل وصول طلائع قوات الأحزاب «١» . وكان المسلمون يرددون الأهازيج والرجز ويردد معهم النبي القائد صلّى الله عليه وسلّم مشاركة لهم وتواضعا، وروى البخاري قوله صلّى الله عليه وسلّم معهم:

«اللهمّ لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدّقنا ولا صلّينا

فأنزلن سكينة علينا ... وثبّت الأقدام إن لا قينا

إنّ الألى قد بغوا علينا ... وإن أرادوا فتنة أبينا»

وكان عليه الصلاة السلام يمد صوته الكريم بآخرها «٢» ، أما المسلمون فكانوا يرتجزون:

نحن الذين بايعوا محمدا ... على الإسلام ما بقينا أبدا «٣»

وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يجيبهم بقوله:

«اللهمّ إنّه لا خير إلّا خير الآخره، ... فبارك في الأنصار والمهاجره» «٤» .

وحصلت خلال مرحلة حفر الخندق ثلاث معجزات حسّية للنبي صلّى الله عليه وسلّم وهي تكثير الطعام الذي أعدّه الصحابي جابر بن عبد الله للرسول صلّى الله عليه وسلّم بعد أن باركه صلّى الله عليه وسلّم، فقد أكل منه ألف صحابي حتى شبعوا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم وتركوا الكثير «٥» . ومن معجزاته إخباره لعمار بن ياسر وهو يعمل معهم بأمر غيبي يتعلّق بقتله- رضي الله عنه- «٦» .

وقيامه صلّى الله عليه وسلّم بتفتيت صخرة عظيمة عجز الصحابة عن كسرها، فقد ضربها ثلاث ضربات وفتتها ومع كل ضربة كان صلّى الله عليه وسلّم يعلن عن تسلّمه لمفاتيح أقاليم كل من الشام، وفارس، واليمن، وهي بشارة تنبىء عن اتساع الفتوحات الإسلامية والإخبار عنها في وقت كان المسلمون فيه محصورين في المدينة، يواجهون المشاق والخوف والجوع والبرد القارص «٧» . وكان جواب المؤمنين كما حكى القرآن الكريم قولهم: وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً «٨» .


(١) البخاري- الصحيح ٥/ ٤٥- ٤٧، فتح الباري ٧/ ٣٩٥، وانظر: مسلم- الصحيح ٣/ ١٤٣٠.
(٢) البخاري- الصحيح ٥/ ٤٧، فتح الباري ٧/ ٣٩٩.
(٣) المرجع السابق (فتح الباري ٧/ ٣٩٢- ٣٩٣) .
(٤) المرجع السابق- الصحيح ٥/ ٤٥، وفيه الجهاد بدل الإسلام. انظر الهامش السابق، (فتح ٧/ ٣٩٣) .
(٥) البخاري- الصحيح ٥/ ٤٦، مسلم- الصحيح ٣/ ١٦١٠.
(٦) وكان قتله- رضي الله عنه- في صفين انظر: مسلم- الصحيح ٤/ ٢٢٣٥.
(٧) أحمد- المسند ٤/ ٣٠٣، الهيثمي- مجمع الزوائد ٦/ ١٣١، ابن حجر- فتح ٧/ ٣٩٧، الطبراني- المعجم الكبير ١١/ ٣٧٦.
(٨) القرآن الكريم- سورة الأحزاب، الآية/ ٢٢.