للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «انظروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر ألّا تزدروا نعمة الله «١» » . قال أبو معاوية «عليكم» ) * «٢» . «٣» .

١٠-* (عن أبي شريح- رضي الله عنه- أنّه قال لعمرو بن سعيد- وهو يبعث البعوث إلى مكّة- ائذن لي أيّها الأمير أحدّثك قولا قام به النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الغد من يوم الفتح، سمعته أذناي ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي حين تكلّم به: حمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: «إنّ مكّة حرّمها الله ولم يحرّمها النّاس، فلا يحلّ لامريء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما، ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخّص لقتال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيها فقولوا: إنّ الله قد أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنّما أذن لي فيها ساعة من نهار، ثمّ عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، وليبلّغ الشّاهد الغائب» ) * «٤» .

١١-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: بتّ ليلة عند خالتي ميمونة، فقام النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من اللّيل، فأتى حاجته «٥» ، ثمّ غسل وجهه ويديه، ثمّ نام، ثمّ قام فأتى القربة، فأطلق شناقها «٦» ، ثمّ توضّأ وضوءا بين الوضوءين، ولم يكثر، وقد أبلغ، ثمّ قام فصلّى. فقمت فتمطّيت كراهية أن يرى أنّي كنت أنتبه له، فتوضّأت. فقام فصلّى. فقمت عن يساره، فأخذ بيدي فأدارني عن يمينه. فتتامّت صلاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من اللّيل ثلاث عشرة ركعة، ثمّ اضطجع. فنام حتّى نفخ. وكان إذا نام نفخ، فأتاه بلال فآذنه بالصّلاة. فقام فصلّى ولم يتوضّأ وكان في دعائه «اللهم! اجعل في قلبي نورا، وفي بصري نورا، وفي سمعي نورا، وعن يميني نورا، وعن يساري نورا، وفوقي نورا، وتحتي نورا، وأمامي نورا، وخلفي نورا، وعظّم لي نورا» ) * «٧» .

١٢-* (عن أبي بكر الصّدّيق- رضي الله عنه- قال: أصبح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات يوم فصلّى الغداة ثمّ جلس، حتّى إذا كان من الضّحى ضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ جلس مكانه حتّى صلّى الأولى والعصر والمغرب، كلّ ذلك لا يتكلّم، حتّى صلّى العشاء الآخرة، ثمّ قام إلى أهله، فقال النّاس لأبي بكر: ألا تسأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما شأنه؟ صنع اليوم شيئا لم يصنعه قطّ، قال: فسأله، فقال: نعم، عرض عليّ ما هو كائن من أمر الدّنيا وأمر الآخرة، فجمع الأوّلون والآخرون بصعيد واحد، ففظع النّاس «٨» بذلك،


(١) مسلم (٢٩٦٣) .
(٢) أبو معاوية هو الذي روى الحديث عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة.
(٣) الفرق بين هذا الحديث والذي قبله أن هنا حثا على النظر من أول الأمر إلى من هو أسفل، كما أن فيه ذكرا لسبب النظر، أما الحديث السابق فإن الإنسان هو الذي يبدأ بالنظر إلى من هو فوقه، وربما لحقه من ذلك حرن أو نحوه، فأرشده الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم إلى علاج هذه الحالة ومن ثم أثبتنا الحديثين معا.
(٤) البخاري، الفتح (١٠٤) .
(٥) أتى حاجته أي قضى حاجته في المحل الخاص بذلك.
(٦) أطلق شناقها أي فك الخيط الذي تربط به في الوتد، والشناق الخيط.
(٧) مسلم (٧٦٣) .
(٨) فظع من الفظاعة وهو الأمر الشديد الشنيع ومعنى فظع الناس أي اشتد عليهم الأمر وهالهم.