للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جوارحه عليه، يداه بما يبطش بهما، ورجلاه بما مشى عليهما، وعيناه بما أبصر بهما» ) * «١» .

٤-* (وقال الحسن- رضي الله عنه- في الآية الكريمة السّابقة: يعني أنّ الإنسان بصير بعيوب غيره جاهل بعيوب نفسه» ) * «٢» .

٥-* (عن اللّيث- رضي الله عنه- قال:

وكان الّذي نهي عنه من ذلك- أي من كراء الأرض- ما لو نظر فيه ذو الفهم بالحلال والحرام لم يجيزوه، لما فيه من المخاطرة» ) * «٣» .

٦-* (قال ابن الجوزيّ- رحمه الله تعالى:

«من عاين بعين بصيرته تناهي الأمور في بداياتها، نال خيرها، ونجا من شرّها، ومن لم ير العواقب غلب عليه الحسّ، فعاد عليه بالألم ما طلب منه السّلامة، وبالنّصب مارجا منه الرّاحة» ) * «٤» .

٧-* (وقال ابن الجوزيّ- أيضا-: قرأت هذه الآية قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ (الأنعام/ ٤٦) ، فلاحت لي إشارة كدت أطيش منها، وذلك أنّه إن كان عني بالآية نفس السّمع والبصر فإنّ السّمع آلة لإدراك المسموعات، والبصر آلة لإدراك المبصرات فهما يعرضان ذلك على القلب فيتدبّر ويعتبر، فإذا عرضت المخلوقات على السّمع والبصر أوصلا إلى القلب أخبارها، وأنّها تدلّ على الخالق، وتحمل على طاعة الصّانع، وتحذّر من بطشه عند مخالفته. وإن عني معنى (حقيقة) السّمع والبصر، فذلك يكون بذهولهما عن حقائق ما أدركا (لأنّهما) شغلا بالهوى، فيعاقب الإنسان بسلب معاني تلك الآلات، فيرى وكأنّه ما رأى، ويسمع وكأنّه ما سمع» ) * «٥» .

٨-* (وقال ابن الجوزيّ- أيضا- «رأيت كلّ من يعثر بشيء أو ينزلق في مطر يلتفت إلى ما عثر به، فينظر إليه، طبعا موضوعا في الخلق، إمّا ليحذر منه إن جاز عليه مرّة أخرى أو لينظر- مع احترازه وفهمه- كيف فاته التّحرّز من مثل هذا؟ فأخذت من ذلك إشارة، وقلت: يا من عثر مرارا، هلّا أبصرت ما الّذي عثّرك؟ أو، هلّا قبّحت- مع حزمها- تلك الواقعة» ) * «٦» .

٩-* (وقال ابن الجوزيّ- رحمه الله تعالى-:

إذا نظر العاقل إلى أفعال الباري سبحانه، رأى أشياء لا يقتضيها عقله، مثل الآلام والذّبح للحيوان، وتسليط الأعداء على الأولياء- مع قدرته سبحانه على منع ذلك- وكالابتلاء بالمجاعة للصّالحين..

وأشياء كثيرة من هذا الجنس يعرضها العقل على العادات في تدبيره فيرى أنّه لا حكمة تظهر له فيها.


(١) تفسير القرطبي ١٩/ ١٠٠
(٢) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(٣) البخاري، الفتح (٢٣٤٧) ، وهذا الأثر عن الليث جاء تعقيبا على حديث رافع بن خديج عن غميه أنهم كانوا يكرون الأرض على عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم، فنهى عن ذلك.
(٤) صيد الخاطر ص ٣
(٥) المرجع السابق، ١١٤- ١١٥ (بتصرف واختصار) .
(٦) المرجع السابق ١٤٦- ١٤٧