للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنّ رجالا من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال بعضهم:

الهجرة قد انقطعت فاختلفوا في ذلك. فانطلقت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله، إنّ ناسا يقولون إنّ الهجرة قد انقطعت. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الهجرة لا تنقطع ما كان الجهاد» ) * «١» .

٧-* (عن عبد الله بن زيد- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمّا فتح حنينا قسّم الغنائم فأعطى المؤلّفة قلوبهم، فبلغه أنّ الأنصار يحبّون أن يصيبوا ما أصاب النّاس، فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فخطبهم فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: «يا معشر الأنصار! ألم أجدكم ضلّالا فهداكم الله بي؟، وعالة فأغناكم الله بي؟، ومتفرّقين فجمّعكم الله بي؟» . ويقولون: الله ورسوله أمنّ. فقال: «ألا تجيبوني؟» ، فقالوا: الله ورسوله أمنّ. فقال: «أما إنّكم لو شئتم أن تقولوا كذا وكذا، وكان من الأمر كذا وكذا- لأشياء عدّدها زعم عمرو أن لا يحفظها-. فقال: ألا ترضون أن يذهب النّاس بالشّاء والإبل، وتذهبون برسول الله إلى رحالكم، الأنصار شعار «٢» والنّاس دثار، ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك النّاس واديا وشعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبهم» «٣» ) * «٤» .

٨-* (عن جابر- رضي الله عنه- أنّ الطّفيل ابن عمرو الدّوسيّ أتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله! هل لك في حصن حصين ومنعة «٥» ؟ (قال: حصن كان لدوس في الجاهليّة) فأبى ذلك النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. للّذي ذخر الله للأنصار. فلمّا هاجر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة هاجر إليه الطّفيل بن عمرو. وهاجر معه رجل من قومه. فاجتووا المدينة «٦» . فمرض، فجزع، فأخذ مشاقص «٧» له، فقطع بها براجمه «٨» ، فشخبت يداه «٩» حتّى مات. فرآه الطّفيل بن عمرو في منامه. فرآه وهيئته حسنة. ورآه مغطّيا يديه. فقال له: ما صنع بك ربّك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى نبيّه صلّى الله عليه وسلّم. فقال: مالي أراك مغطّيا يديك؟ قال قيل لي: لن نصلح منك ما أفسدت. فقصّها الطّفيل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «اللهمّ، وليديه فاغفر» ) * «١٠» .

٩-* (عن عمرو بن العاص- رضي الله عنه وهو في سياقة الموت- أنّه بكى طويلا، وحوّل وجهه إلى الجدار، فجعل ابنه يقول: يا أبتاه، أما بشّرك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بكذا؟ أما بشّرك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بكذا؟

قال فأقبل بوجهه فقال: إنّ أفضل ما نعدّ شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله، إنّي قد كنت على


(١) الهيثمي في المجمع (٥/ ٢٥١) وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، وهو في أحمد (٤/ ٦٢، ٥/ ٣٧٥) .
(٢) الشعار: الثوب الذي يلي الجسد، والدثار فوقه.
(٣) معنى الحديث: أن الأنصار هم البطانة والخاصة وألصق الناس بي من سائر الناس.
(٤) البخاري- الفتح ٧ (٣٧٧٩) من حديث أبي هريرة ومسلم (١٠٦١) واللفظ له.
(٥) منعة: بفتح النون وإسكانها: العزة والامتناع وقيل: منعة جمع مانع، أي جماعة يمنعوك ممن يقصدك بمكروه.
(٦) فاجتووا المدينة: أي كرهوا المقام بها لضجر ونوع من سقم.
(٧) مشاقص: جمع مشقص وهو سهم فيه نصل عريض.
(٨) براجمه: البراجم مفاصل الأصابع.
(٩) شخبت يداه: أي سال دمها.
(١٠) مسلم (١١٦) .