للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالحبشة، فوافقنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده، فقال جعفر: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعثنا هاهنا، وأمرنا بالإقامة، فأقيموا معنا، فأقمنا معه حتّى قدمنا جميعا.

قال: فوافقنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين افتتح خيبر، فأسهم لنا.. أو قال: أعطانا منها-، وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئا. إلّا لمن شهد معه. إلّا لأصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه. قسم لهم معهم، قال:

فكان ناس من النّاس يقولون لنا- يعني لأهل السّفينة-: نحن سبقناكم بالهجرة) * «١» .

١٥-* (عن العلاء بن الحضرميّ- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ثلاث للمهاجر بعد الصّدر «٢» » ) * «٣» .

١٦-* (عن أبي موسى الأشعريّ- رضي الله عنه- قال: دخلت أسماء بنت عميس، وهي ممّن قدم معنا، على حفصة زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم زائرة. وقد كانت هاجرت إلى النّجاشيّ فيمن هاجر إليه، فدخل عمر على حفصة، وأسماء عندها. فقال عمر حين رأى أسماء: من هذه؟ قالت: أسماء بنت عميس.

قال عمر: الحبشيّة هذه؟ البحريّة هذه؟ فقالت أسماء: نعم. فقال عمر: سبقناكم بالهجرة، فنحن أحقّ برسول الله صلّى الله عليه وسلّم منكم. فغضبت، وقالت كلمة: كذبت. يا عمر! كلّا والله! كنتم مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يطعم جائعكم، ويعظ جاهلكم. وكنّا في دار، أو في أرض البعداء البغضاء «٤» في الحبشة، وذلك في الله وفي رسوله، وايم الله، لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتّى أذكر ما قلت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

ونحن كنّا نؤذى ونخاف، وسأذكر ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأسأله. وو الله! لا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد على ذلك. قال فلمّا جاء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قالت: يا نبيّ الله! إنّ عمر قال كذا وكذا. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ليس بأحقّ بي منكم، وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم أهل السّفينة هجرتان» قالت: فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السّفينة يأتوني أرسالا «٥» .

يسألوني عن هذا الحديث، ما من الدّنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم ممّا قال لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم) * «٦» .

١٧-* (عن أبي موسى الأشعريّ- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «رأيت في المنام أنّي أهاجر من مكّة إلى أرض بها نخل، فذهب وهلي «٧» إلى أنّها اليمامة أو هجر، فإذا هي المدينة، يثرب، ورأيت في رؤياي هذه أنّي هززت سيفا فانقطع صدره، فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد. ثمّ هززته أخرى، فعاد أحسن ما كان، فإذا هو ما جاء الله به من الفتح واجتماع المؤمنين، ورأيت فيها أيضا


(١) البخاري- الفتح ٧ (٤٢٣٠) . ومسلم (٢٥٠٢) واللفظ له.
(٢) معنى الحديث: أن الإقامة بمكة كانت حراما على من هاجر منها قبل الفتح، لكن أبيح لمن قصدها منهم بحج أو عمرة أن يقيم بعد قضاء نسكه ثلاثة أيام لا يزيد عليها.
(٣) البخاري- الفتح ٧ (٣٩٣٣) واللفظ له، مسلم (١٣٥٢) .
(٤) البعداء البغضاء: البعداء في النسب، البغضاء في الدين، لأنهم كفار، إلا النجاشي.
(٥) أرسالا: أفواجا.
(٦) البخاري- الفتح ٧ (٤٢٣٠- ٤٢٣١) . ومسلم (٢٥٠٣) واللفظ له.
(٧) وهلي: أي وهمي واعتقادي.