للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القبائل التي كانت قد غدرت بالدعاة أو ناصبت الإسلام العداء وقد تمثّل النشاط العسكري الإسلامي خلال هذه الفترة في ما يلي:

سريّة ابن عتيك لقتل ابن أبي الحقيق:

وكان سلام بن أبي الحقيق ممن ألّب الأحزاب ضد المسلمين، وكان يؤذي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويعين عليه «١» .

وقد رغبت الخزرج في قتله مساواة للأوس في قتلهم لابن الأشرف، وحين استأذنوا الرسول صلّى الله عليه وسلّم في ذلك أذن لهم ونهاهم أن يقتلوا وليدا أو امرأة «٢» . وخرج إليه خمسة من الخزرج أمّر الرسول صلّى الله عليه وسلّم عليهم عبد الله بن عتيك الذي تمكّن بمفرده من دخول الحصن، ومن قتله دون أن يؤذي أحدا من ولده أو نسائه، وحينما عادوا ورآهم النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «أفلحت الوجوه» «٣» . وقد خرجت هذه السريّة في أعقاب غزوة بني قريظة «٤» .

سريّة محمد بن مسلمة إلى بني القرطاء:

أرسل النبي صلّى الله عليه وسلّم سريّة من ثلاثين من أصحابه عليهم محمد بن مسلمة لشن الغارة على بني القرطاء من قبيلة بكر بن كلاب، وذلك في العاشر من محرم سنة ٦ هـ «٥» ، وقد داهموهم على حين غرّة فقتلوا منهم عشرة، وفر الباقون وغنم المسلمون إبلهم وماشيتهم «٦» . وفي طريق عودتهم أسروا ثمامة بن أثال الحنفي سيد بني حنيفة وهم لا يعرفونه فقدموا به المدينة، وربطوه بسارية من سواري المسجد. وقد اطّلع عليه النبي صلّى الله عليه وسلّم وكلمه، ثم أمر بإطلاق سراحه في اليوم التالي. وقد تأثر بالجو العام السائد بين المسلمين وأخلاقهم الفاضلة، ومعاملتهم الكريمة، لذلك فإنه بادر إلى إعلان إسلامه، وذكر للرسول صلّى الله عليه وسلّم: «أن وجهه أصبح أحب الوجوه إليه، وأن دينه أصبح أحب الدين كله إليه، وأن بلده أصبحت أحب البلاد كلها إليه» ، واستأذن في أداء العمرة، فأذن له الرسول صلّى الله عليه وسلّم بعد أن بشّره.

وفي مكة عيّره أحد معارفه من قريش بأنه صبأ، فكان جوابه: «لا ولكني أسلمت، وأقسم ألا يأتيهم من اليمامة حبة واحدة حتى يأذن فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم» «٧» . وورد في الصحيحين «٨» أنه قد أبر بقسمه مما دفع وجوه مكة إلى أن يكتبوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثمامة ليخلي لهم حمل الطعام «٩» .


(١) البخاري- الصحيح (فتح الباري- حديث ٤٠٣٩) .
(٢) ابن هشام- السيرة، من رواية ابن إسحاق بإسناد مرسل موقوف على عبد الله بن كعب (٣/ ٣٨٠) .
(٣) البخاري- الصحيح (فتح الباري- حديث ٤٠٣٩) .
(٤) الواقدي- المغازي ١/ ٣٩١- ٣٩٥، ابن سعد- الطبقات ٢/ ٩٢، البيهقي- السنن ٩/ ٨٠، الصنعاني- المصنّف ٥/ ٤١.
(٥) الواقدي- المغازي ٢/ ٥٣٤، ابن كثير- البداية ٤/ ١٦٨، الذهبي- تاريخ الإسلام (المغازي) ص ٣٥١.
(٦) البخاري- الصحيح (فتح الباري- حديث ٤٣٧٢) ، مسلم- الصحيح ٣/ ١٣٨٦ (حديث ١٧٦٤) ، أحمد- الفتح الرباني ٢١/ ٨٨- ٩٠، أبو داود- السنن (كتاب الجهاد ٣/ ١٢٩) ، ابن شبّة- تاريخ المدينة ٢/ ٤٣٣- ٩ بإسناد البخاري ولفظه.
(٧) انظر المصادر في الهامش السابق.
(٨) البخاري- الصحيح (فتح الباري- الأحاديث ٥٣٩٣- ٥٣٩٨) ، مسلم- الصحيح ٣/ ١٣٨٦ (حديث ١٧٦٤) .
(٩) وزاد ابن هشام على سيرة ابن إسحاق قوله: فأذن النبي صلّى الله عليه وسلّم في ذلك (٢/ ٣٨١) معلّقا.