للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكفّفون النّاس «١» ، وإنّك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله، إلّا أجرت بها حتّى ما تجعل في في امرأتك» . فقلت: يا رسول الله! أخلّف بعد أصحابي؟ قال: «إنّك لن تخلّف «٢» ، فتعمل عملا صالحا إلّا ازددت به درجة ورفعة، ثمّ لعلّك أن تخلّف حتّى ينتفع بك أقوام ويضرّ بك آخرون، اللهمّ أمض لأصحابي هجرتهم، ولا تردّهم على أعقابهم، لكن البائس سعد بن خولة» ، يرثي «٣» له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن مات بمكّة) * «٤» .

٢٥-* (عن عائشة- رضي الله عنها- زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قالت: كانت المؤمنات، إذا هاجرن إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يمتحنهنّ. يقول الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ (الممتحنة/ ٢٠ مدنية) إلى آخر الآية. قالت عائشة:

فمن أقرّ بهذا الشّرط من المؤمنات فقد أقرّ بالمحنة «٥» ، فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، إذا أقررن بذلك من قولهنّ. قال لهنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «انطلقن فقد بايعتكنّ» لا والله ما مسّت يد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يد امرأة قطّ، غير أنّه بايعهنّ بالكلام، والله ما أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على النّساء إلّا بما أمر الله، يقول لهنّ، إذا أخذ عليهنّ: «قد بايعتكنّ «كلاما» ) * «٦» .

٢٦-* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- قال: كنّا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوما حين طلعت الشّمس، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «سيأتي أناس من أمّتي يوم القيامة نورهم كضوء الشّمس» .

قلنا: من أولئك يا رسول الله؟ فقال: «فقراء المهاجرين، الّذين تتّقى بهم المكاره، يموت أحدهم وحاجته في صدره، يحشرون من أقطار الأرض» ) * «٧» .

٢٧-* (عن عبد الله بن السّعديّ- رضي الله عنه- أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا تنقطع الهجرة ما دام العدوّ يقاتل» . فقال معاوية وعبد الرّحمن بن عوف وعبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهم-: إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ الهجرة خصلتان، إحداهما أن تهجر السّيّئات، والأخرى أن تهاجر إلى الله ورسوله.

ولا تنقطع الهجرة ما تقبّلت التّوبة، ولا تزال التّوبة مقبولة حتّى تطلع الشّمس من المغرب، فإذا طلعت


(١) يتكففون الناس: أي يسألون الناس بمد أكفهم إليهم.
(٢) إنك لن تخلف: المراد بالتخلف طول العمر والبقاء في الحياة بعد أصحابه.
(٣) يرثى له: يتوجع له ويرق له لكونه مات بمكة. وقيل: إن القائل يرثى له ... الخ. هو الزهري، وراجع ابن حجر في شرح هذا الحديث (٣/ ١٩٦/ ١٩٧) .
(٤) البخاري- الفتح ٣ (١٢٩٥) واللفظ له. ومسلم (١٦٢٨)
(٥) أقر بالمحنة: أي بايع البيعة الشرعية.
(٦) البخاري- الفتح ٩ (٥٢٨٨) واللفظ له. ومسلم (١٨٦٦)
(٧) أحمد في المسند (٢/ ١٧٧ برقم ٦٦٥٩) واللفظ له، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح (١٠/ ١٣٦ برقم ٦٦٥٠) . والهيثمي في المجمع ١٠ (٢٥٨، ٢٥٩) وقال: رواه أحمد والطبراني في الأوسط
وله في الكبير أسانيد رجال أحدها رجال الصحيح.