للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سيّدهم وأعلمهم وابن أعلمهم، فادعهم فاسألهم عنّي قبل أن يعلموا أنّي قد أسلمت، فإنّهم إن يعلموا أنّي قد أسلمت، قالوا فيّ ما ليس فيّ. فأرسل نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم فأقبلوا فدخلوا عليه، فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

«يا معشر اليهود! ويلكم اتّقوا الله، فو الله الّذي لا إله إلّا هو إنّكم لتعلمون أنّي رسول الله حقّا، وأنّي جئتكم بحقّ، فأسلموا» . قالوا: ما نعلمه- قالوا للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: قالها ثلاث مرار- قال: «فأيّ رجل فيكم عبد الله بن سلام؟» قالوا: ذاك سيّدنا، وابن سيّدنا، وأعلمنا وابن أعلمنا. قال: «أفرأيتم إن أسلم؟» قالوا: حاشا لله ما كان ليسلم. قال: «أفرأيتم إن أسلم؟» قالوا: حاشا لله ما كان ليسلم. قال: «أفرأيتم إن أسلم؟» قالوا: حاشا لله ما كان ليسلم. قال: «يا ابن سلام، اخرج عليهم فخرج» فقال: يا معشر اليهود، اتّقوا الله، فو الله الّذي لا إله إلّا هو، إنّكم لتعلمون أنّه رسول الله، وأنّه جاء بحقّ. فقالوا:

كذبت، فأخرجهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم) * «١» .

٣٧-* (عن البراء بن عازب- رضي الله عنهما- قال: أوّل من قدم علينا مصعب بن عمير وابن أمّ مكتوم، وكانوا يقرئون «٢» النّاس، فقدم بلال وسعد وعمّار بن ياسر، ثمّ قدم عمر بن الخطّاب في عشرين من أصحاب نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ قدم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حتّى جعل الإماء يقلن: قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فما قدم حتّى قرأت سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (الأعلى/ ١) في سور من المفصّل» ) * «٣» .

٣٨-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: هاجر إلى الحبشة رجال من المسلمين، وتجهّز أبو بكر مهاجرا. فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «على رسلك، فإنّي أرجو أن يؤذن لي» . فقال أبو بكر: أو ترجوه بأبي أنت؟. قال: «نعم» . فحبس أبو بكر نفسه على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لصحبته وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السّمر أربعة أشهر. قال عروة: قالت عائشة: فبينما نحن يوما جلوس في بيتنا في نحر الظّهيرة، قال قائل لأبي بكر:

هذا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مقبلا متقنّعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها. فقال أبو بكر: فدا لك بأبي وأمّي. والله إن جاء به في هذه السّاعة إلّا لأمر. فجاء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فاستأذن، فأذن له، فدخل فقال حين دخل لأبي بكر:

أخرج من عندك. قال: إنّما هم أهلك «٤» بأبي أنت يا رسول الله! قال: فإنّى قد أذن لي في الخروج، قال: فالصّحبة بأبي أنت يا رسول الله! قال: نعم. قال فخذ بأبي أنت يا رسول الله! إحدى راحلتيّ هاتين. قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: بالثّمن. قالت: فجهّزناهما أحثّ «٥» الجهاز، ووضعنا لهما سفرة «٦» في جراب، فقطعت


(١) البخاري- الفتح ٧ (٣٩١١) .
(٢) وكانوا يقرئون الناس: هكذا وردت. ووجهها ابن حجر على أن أقل الجمع اثنان، وإما على أن من كان يقرأ بأنه كان يقرأ معهما أيضا. وفي رواية الأصيلي وكريمة «فكانا يقرئان الناس» قال ابن حجر: وهو أوجه. راجع فتح الباري (٧/ ٣٠٦) .
(٣) البخاري الفتح ٧ (٣٩٢٥) .
(٤) أهلك: أي زوجته عائشة رضي الله عنها.
(٥) أحث الجهاز: أي أسرعه.
(٦) السفرة: طعام يتخذ لمسافر.