للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليه؟ فلم يجبه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قلت: يا رسول الله! (على) «١» ما أبايعك؟ قال فبسط النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يده وقال: «على إقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، وزيال المشرك، وأن لا تشرك بالله إلها غيره» قال: قلت: وإنّ لنا ما بين المشرق والمغرب، فقبض النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يده، وظنّ أنّي مشرط شيئا لا يعطينيه، قال: قلت: نحلّ منها حيث شئنا ولا يجني امرؤ إلّا على نفسه، فبسط يده، وقال: «ذلك لك تحلّ حيث شئت ولا يجني عليك إلّا نفسك» قال: فانصرفنا عنه، ثمّ قال: «إنّ هذين لعمر إلهك من أتقى النّاس في الأولى والآخرة» فقال له كعب ابن الخدريّة أحد بني بكر بن كلاب: من هم يا رسول الله؟ قال: «بنو المنتفق أهل ذلك» قال: فانصرفنا وأقبلت عليه فقلت يا رسول الله هل لأحد ممّن مضى من خير في جاهليّتهم؟ قال:

قال رجل من عرض قريش، «والله إنّ أباك المنتفق لفي النّار» قال فلكأنّه وقع حرّ بين جلدي ووجهي ولحمى ممّا قال لأبي على رؤوس النّاس، فهممت أن أقول: وأبوك يا رسول الله! فإذا الأخرى أجمل، فقلت:

يا رسول الله وأهلك؟ قال: وأهلي لعمر الله ما أتيت عليه من قبر عامريّ أو قرشيّ من مشرك فقل: أرسلني إليك محمّد فأبشّرك بما يسوؤك، تجرّ على وجهك وبطنك في النّار» قال: قلت: يا رسول الله! ما فعل بهم ذلك وقد كانوا على عمل لا يحسنون إلّا إيّاه، وكانوا يحسبونه أنّهم مصلحون قال: «ذلك لأنّ الله عزّ وجلّ بعث في آخر كلّ سبع أمم- يعني نبيّا- فمن عصى نبيّه كان من الضّالّين، ومن أطاع نبيّه كان من المهتدين) * «٢» .

١٩-* (عن أسماء- رضي الله عنها- قالت: خسفت الشّمس على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

فدخلت على عائشة وهي تصلّي. فقلت: ما شأن النّاس يصلّون؟ فأشارت برأسها إلى السّمآء. فقلت:

آية؟ قالت: نعم. فأطال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم القيام جدّا.

حتّى تجلّاني الغشي «٣» . فأخذت قربة من ماء إلى جنبي. فجعلت أصبّ على رأسي- أو على وجهي- من الماء. قالت: فانصرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقد تجلّت الشّمس. فخطب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم النّاس. فحمد الله وأثنى عليه. ثمّ قال: «أمّا بعد. ما من شيء لم أكن رأيته إلّا قد رأيته في مقامي هذا. حتّى الجنّة والنّار.

وإنّه قد أوحي إليّ أنّكم تفتنون في القبور قريبا أو مثل فتنة المسيح الدّجّال. (لا أدري أيّ ذلك قالت أسماء) فيؤتى أحدكم فيقال: ما علمك بهذا الرّجل؟ فأمّا المؤمن أو الموقن. (لا أدري أيّ ذلك قالت أسماء) فيقول: هو محمّد، هو رسول الله، جاءنا بالبيّنات


(١) زيادة من المسند الجامع (١٥/ ١٩) .
(٢) رواه أحمد (٤/ ١٣- ١٤) واللفظ له والهيثمي في المجمع (١/ ٣٣٨) وقال: رواه عبد الله. والطبراني بنحوه وأحد طريقي عبد الله إسنادها متصل، ورجالها ثقات والإسناد الآخر وإسناد الطبراني مرسل عن عاصم بن لقيط. وذكره ابن القيم في الزاد (٣/ ٦٧٣- ٦٧٧) وقال عنه: هذا حديث كبير جليل قد خرج من مشكاة النبوة. وذكر كلاما طويلا في قوته.
(٣) تجلاني الغشي: أي علاني مرض قريب من الإغماء لطول تعب الوقوف.