للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصّدق، فليدع كلّ رجل منكم بما يعلم أنّه قد صدق فيه. فقال واحد منهم: اللهمّ، إن كنت تعلم أنّه كان لي أجير عمل لي على فرق من أرزّ، فذهب وتركه، وأنّي عمدت إلى ذلك الفرق فزرعته، فصار من أمره أنّي اشتريت منه بقرا، وأنّه أتاني يطلب أجره، فقلت له: اعمد إلى تلك البقر فسقها، فقال لي: إنّما لي عندك فرق من أرزّ. فقلت له: اعمد إلى تلك البقر، فإنّها من ذلك الفرق. فساقها. فإن كنت تعلم أنّي فعلت ذلك من خشيتك ففرّج عنّا. فانساخت عنهم الصّخرة.

فقال الآخر: اللهمّ إن كنت تعلم أنّه كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت آتيهما كلّ ليلة بلبن غنم لي، فأبطأت عنهما ليلة، فجئت وقد رقدا؛ وأهلي وعيالي يتضاغون من الجوع، وكنت لا أسقيهم حتّى يشرب أبواي، فكرهت أن أوقظهما، وكرهت أن أدعهما فيستكنّا لشربتهما، فلم أزل أنتظر حتّى طلع الفجر.

فإن كنت تعلم أنّي فعلت ذلك من خشيتك ففرّج عنّا. فانساخت عنهم الصّخرة حتّى نظروا إلى السّماء.

فقال الآخر: اللهمّ إن كنت تعلم أنّه كان لي ابنة عمّ من أحبّ النّاس إليّ، وأنّي راودتها عن نفسها فأبت إلّا أن آتيها بمائة دينار، فطلبتها حتّى قدرت، فأتيتها بها فدفعتها إليها، فأمكنتني من نفسها، فلمّا قعدت بين رجليها فقالت: اتّق الله ولا تفضّ الخاتم إلّا بحقّه، فقمت وتركت المائة الدّينار. فإن كنت تعلم أنّي فعلت ذلك من خشيتك ففرّج عنّا، ففرّج الله عنهم فخرجوا» ) * «١» .

٢٦-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: كنت مع عليّ بن أبي طالب حيث بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى أهل مكّة ببراءة قال: ما كنتم تنادون؟ قال: كنّا ننادي: أنّه لا يدخل الجنّة إلّا مؤمن، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عهد فإنّ أجله- أو أمده- إلى أربعة أشهر فإذا مضت الأربعة الأشهر فإنّ الله بريء من المشركين ورسوله، ولا يحجّ هذا البيت بعد العام مشرك، فكنت أنادي حتّى صحل صوتي «٢» » ) * «٣» .

٢٧-* (عن عبد الله بن عامر- رضي الله عنه- أنّه قال: دعتني أمّي يوما ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم قاعد في بيتنا، فقالت: ها تعال أعطيك، فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «وما أردت أن تعطيه» ؟ قالت: أعطيه تمرا، فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أما إنّك لو لم تعطيه «٤» شيئا كتبت عليك كذبة» ) * «٥» .

٢٨-* (عن أمّ هانىء ابنة أبي طالب- رضي الله عنها- قالت: «ذهبت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عام


(١) البخاري- الفتح ٦ (٣٤٦٥) واللفظ له. ومسلم (٢٧٤٣)
(٢) صحل صوتي: أي بحّ أي غلظ وخشونة في الصوت.
(٣) أحمد (٢/ ٢٩٩) واللفظ له. والترمذي (٣٠٩١- ٣٠٩٢) وآخر عنده من حديث علي رضي الله عنه (٨٧١) . وقد سأله زيد بن أتبع، وقال الترمذي: حسن، وفي الباب عن أبي هريرة رضي الله عنه. وابن مردويه والبزار. وأصله عند البخاري (٤٦٥٥) .
(٤) لم تعطيه: هكذا وردت بإثبات الياء، والقواعد تقتضي حذفها بعد لم.
(٥) أبو داود (٤٩٩١) واللفظ له وقال الألباني (٤١٧٦) : حسن، الصحيحة (٧٤٨) . وأحمد ٣ (٤٤٧) .