للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الوقاية)]

١-* (عن قيس، قال: رأيت يد طلحة «١» شلّاء «٢» وقى بها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يوم أحد «٣» ) * «٤» .

٢-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: كنت أقرىء رجالا من المهاجرين منهم عبد الرّحمن بن عوف، فبينما أنا في منزله بمنى، وهو عند عمر بن الخطّاب في آخر حجّة حجّها، إذ رجع إليّ عبد الرّحمن فقال: لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين اليوم فقال: يا أمير المؤمنين، هل لك في فلان؟ يقول: لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا، فو الله ما كانت بيعة أبي بكر إلّا فلتة فتمّت، فغضب عمر، ثمّ قال: إنّي إن شاء الله لقائم العشيّة في النّاس فمحذّرهم هؤلاء الّذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم. قال عبد الرّحمن: فقلت: يا أمير المؤمنين، لا تفعل، فإنّ الموسم يجمع رعاع النّاس وغوغاء هم، فإنّهم هم الّذين يغلبون على قربك حين تقوم في النّاس، وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيّرها عنك كلّ مطيّر، وأن لا يعوها، وأن لا يضعوها على مواضعها، فأمهل حتّى تقدم المدينة، فإنّها دار الهجرة والسّنّة، فتخلص بأهل الفقه وأشراف النّاس، فتقول ما قلت متمكّنا، فيعي أهل العلم مقالتك، ويضعونها على مواضعها. فقال عمر: أما والله- إن شاء الله- لأقومنّ بذلك أوّل مقام أقومه بالمدينة، قال ابن عبّاس: فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجّة، فلمّا كان يوم الجمعة عجلت الرّواح حين زاغت الشّمس حتّى أجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جالسا إلى ركن المنبر، فجلست حوله تمسّ ركبتي ركبته، فلم أنشب «٥» أن خرج عمر بن الخطّاب، فلمّا رأيته مقبلا قلت لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل:

ليقولنّ العشيّة مقالة لم يقلها منذ استخلف. فأنكر عليّ وقال: ما عسيت أن يقول ما لم يقل قبله! فجلس عمر على المنبر، فلمّا سكت المؤذّنون قام فأثنى على الله بما هو أهله ثمّ قال: أمّا

بعد، فإنّي قائل لكم مقالة قد قدّر لي أن أقولها، لا أدري لعلّها بين يدي أجلي، فمن عقلها ووعاها فليحدّث بها حيث انتهت به راحلته، ومن خشي أن لا يعقلها فلا أحلّ لأحد أن يكذب عليّ، إنّ الله بعث محمّدا صلّى الله عليه وسلّم بالحقّ، وأنزل عليه الكتاب، فكان ممّا أنزل الله آية الرّجم، فقرأناها وعقلناها ووعيناها، ورجم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالنّاس زمان أن يقول قائل:

والله ما نجد آية الرّجم في كتاب الله، فيضلّوا بترك فريضة أنزلها الله، والرّجم في كتاب الله حقّ على من


(١) رأيت يد طلحة: أي ابن عبيد الله.
(٢) شلاء: بفتح المعجمة وتشديد اللام مع المد أي أصابها الشلل، وهو ما يبطل عمل الأصابع أو بعضها.
(٣) وقى بها النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم أحد: وقع بيان ذلك عند الحاكم في «الإكليل» من طريق موسى بن طلحة «جرح يوم أحد تسعا وثلاثين أو خمسا وثلاثين، وشلت أصبعه» أي السبابة والتي تليها.
(٤) البخاري- الفتح ٧ (٤٠٦٣) .
(٥) فلم أنشب: أى فلم ألبث.