للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تقاطعوا ولا تدابروا، وكونوا كما أمركم الله تعالى» ) * «١» .

٥-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:

كنّا قعودا حول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، معنا أبو بكر وعمر، في نفر. فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من بين أظهرنا «٢» فأبطأ علينا وخشينا أن يقتطع «٣» دوننا وفزعنا «٤» فقمنا، فكنت أوّل من فزع، فخرجت أبتغي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى أتيت حائطا «٥» للأنصار لبني النّجّار، فدرت به هل أجد له بابا؟، فلم أجد فإذا ربيع يدخل في جوف حائط من بئر خارجة (والرّبيع الجدول) فاحتفزت «٦» كما يحتفز الثّعلب، فدخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «أبو هريرة؟» ، فقلت: نعم يا رسول الله. قال:

«ما شأنك» ؟ قلت: كنت بين أظهرنا، فقمت فأبطأت علينا، فخشينا أن تقتطع دوننا، ففزعنا، فكنت أوّل من فزع، فأتيت هذا الحائط فاحتفزت كما يحتفز الثّعلب، وهؤلاء النّاس ورائي، فقال: «يا أبا هريرة (وأعطاني نعليه) قال: اذهب بنعليّ هاتين، فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلّا الله مستيقنا بها قلبه فبشّره بالجنّة» فكان أوّل من لقيت عمر، فقال: ما هاتان النّعلان يا أبا هريرة؟ فقلت: هاتان نعلا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، بعثني بهما، من لقيت يشهد أن لا إله إلّا الله مستيقنا بها قلبه، بشّرته بالجنّة. فضرب عمر بيده بين ثدييّ فخررت لاستي «٧» فقال: ارجع يا أبا هريرة؟» فرجعت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأجهشت بكاء «٨» وركبني عمر «٩» فإذا هو على إثري. فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما لك يا أبا هريرة؟ قلت: لقيت عمر فأخبرته بالّذي بعثتني به، فضربني بين ثدييّ ضربة خررت لاستي، قال: ارجع فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يا عمر، ما حملك على ما فعلت» ؟ قال يا رسول الله بأبي أنت وأمّي «١٠» أبعثت أبا هريرة بنعليك، من لقي يشهد أن لا إله إلّا الله مستيقنا بها قلبه، بشّره بالجنّة؟ قال:

«نعم» قال: فلا تفعل. فإنّي أخشى أن يتّكل النّاس عليها، فخلّهم يعملون. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «فخلّهم» ) * «١١» .

٦-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:

كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقام بلال ينادي فلمّا سكت.

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «من قال مثل هذا يقينا «١٢» دخل الجنّة» ) * «١٣» .


(١) أحمد في المسند (١/ ٣) واللفظ له وقال محققه الشيخ أحمد شاكر (١/ ١٥٦) : إسناده صحيح ورواه الترمذي (٣٥٥٨) وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه عن أبي بكر- رضي الله عنه-.
(٢) أظهرنا: أي بيننا.
(٣) أن يقتطع: أن يصاب بمكروه من عدو.
(٤) فزعنا: ذعرنا لاحتباس النبي صلّى الله عليه وسلّم فهببنا نبحث عنه.
(٥) حائطا: بستانا.
(٦) فاحتفزت: أي تضاممت ليسعني المدخل.
(٧) لاستي: هو اسم للدبر والمراد سقطت إلى الأرض.
(٨) فأجهشت بكاء: هو التهيؤ للبكاء ولما يبك بعد.
(٩) ركبني عمر: أي تبعني ومشى خلفي في الحال بلا مهلة.
(١٠) بأبي أنت وأمي: أي أفديك بهما.
(١١) مسلم ١ (٣١) .
(١٢) يقينا: بمعنى متيقنا.
(١٣) أخرجه أحمد في المسند (٢/ ٣٥٢) ، النسائي (٢/ ٢٤) وابن حبان في صحيحه (١٦٦٧) . والحاكم في المستدرك (١/ ٢٠٤) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي: صحيح.