للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣١-* (قال ابن حبّان- رحمه الله تعالى-:

«العقل والهوى متعاديان، فالواجب على المرء أن يكون لرأيه مسعفا ولهواه مسوّفا. فإذا اشتبه عليه أمران اجتنب أقربهما من هواه، لأنّ في مجانبة الهوى إصلاح السّرائر، وبالعقل تصلح الضّمائر» ) * «١» .

٣٢-* (قال الماورديّ- رحمه الله تعالى-: إنّ الهوى والشّهوة يجتمعان في العلّة والمعلول ويتّفقان في الدّلالة والمدلول، لكن الهوى مختصّ بالآراء والاعتقادات، والشّهوة مختصّة بنيل المستلذّات.

فصارت الشّهوة من نتائج الهوى، ولذلك فإنّ الهوى عن الخير صادّ، وللعقل مضادّ، لأنّه ينتج من الأخلاق قبائحها، ويظهر من الأفعال فضائحها، ويجعل ستر المروءة مهتوكا، ومدخل الشّرّ مسلوكا. ولمّا كان الهوى غالبا وإلى سبيل المهالك موردا، جعل العقل عليه رقيبا مجاهدا، يلاحظ عثرته، ويدفع بادرة سطوته، ويدفع خداع حيلته، وذلك لأنّ سلطان الهوى قويّ ومدخل مكره خفيّ» ) * «٢» .

٣٣-* (قال ابن تيميّة- رحمه الله تعالى- «أضلّ الضّلّال: هم أتباع الظّنّ والهوى، كما قال الله تعالى في حقّ من ذمّهم إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى (النجم/ ٢٣) وقال في حقّ نبيّه صلّى الله عليه وسلّم وَالنَّجْمِ إِذا هَوى * ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى * وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى (النجم/ ١- ٤) فنزّهه عن الضّلال والغواية اللّذين هما الجهل والظّلم، فالضّالّ هو الّذي لا يعلم الحقّ، والغاوي الّذي يتّبع هواه، وأخبر (عن نبيّه صلّى الله عليه وسلّم) أنّه ما ينطق عن هوى النّفس، بل هو وحي أوحاه الله إليه فوصفه بالعلم ونزّهه عن الهوى» ) * «٣» .

٣٤-* (قال أيضا- رحمه الله تعالى-:

«العبادات مبناها على الشّرع والاتّباع، لا على الهوى والابتداع، فإنّ الإسلام مبنيّ على أصلين: أحدهما: أن نعبد الله وحده لا شريك له، والثّاني: أن نعبده بما شرعه على لسان رسوله صلّى الله عليه وسلّم لا نعبده بالأهواء والبدع، فليس لأحد أن يعبد الله إلّا بما شرعه رسوله صلّى الله عليه وسلّم من واجب ومستحبّ، لا أن نعبده بالأمور المبتدعة» ) * «٤» .

٣٥-* (قال ابن رجب- رحمه الله تعالى-:

«إنّ جميع المعاصي تنشأ من تقديم هوى النّفوس على محبّة الله ورسوله وقد وصف الله المشركين باتّباع الهوى في مواضع من كتابه، وكذلك البدع تنشأ من تقديم الهوى على الشّرع ولهذا يسمّى أهلها أهل الأهواء، ومن كان حبّه وبغضه وعطاؤه ومنعه لهوى نفسه كان ذلك نقصا في إيمانه الواجب، فيجب عليه حينئذ التّوبة من ذلك، والرّجوع إلى اتّباع ما جاء به الرّسول صلّى الله عليه وسلّم من تقديم محبّة الله ورسوله وما فيه رضا الله ورسوله على هوى النّفس ومراداتها كلّها» ) * «٥» .

٣٦-* (قال ابن كثير- رحمه الله تعالى- في


(١) روضة العقلاء ونزهة الفضلاء (١٩) .
(٢) بتصرف شديد من أدب الدنيا والدين (٣٨- ٤٥) .
(٣) مجموع الفتاوى (٣/ ٣٨٤) .
(٤) المرجع السابق (١/ ٨٠) بتصرف.
(٥) جامع العلوم والحكم (٣٦٦، ٣٦٧) بتصرف يسير جدا.