للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حقّه» . قالوا: وما حقّ الطّريق يا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال:

«غضّ البصر، وكفّ الأذى، وردّ السّلام، والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر» ) * «١» .

٩-* (عن أبي موسى الأشعريّ- رضي الله عنه- قال: بلغنا مخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ونحن باليمن فخرجنا مهاجرين إليه، أنا وأخوان لي، أنا أصغرهما «٢» أحدهما أبو بردة والآخر أبو رهم- إمّا قال بضعا وإمّا قال ثلاثة وخمسين أو اثنين وخمسين رجلا من قومي- قال: فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النّجاشيّ بالحبشة فوافقنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده، فقال جعفر: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعثنا هاهنا وأمرنا بالإقامة فأقيموا معنا فأقمنا معه حتّى قدمنا جميعا. قال: فوافقنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين افتتح خيبر فأسهم لنا أو قال أعطانا منها «٣» ، وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئا إلّا لمن شهد معه. إلّا لأصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه. قسم لهم معهم، قال: فكان ناس من النّاس يقولون لنا- يعني لأهل السّفينة- نحن سبقناكم بالهجرة قال: فدخلت أسماء بنت عميس، وهي ممّن قدم معنا، على حفصة زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم زائرة.

وقد كانت هاجرت إلى النّجاشيّ فيمن هاجر إليه، فدخل عمر على حفصة، وأسماء عندها. فقال عمر حين رأى أسماء: من هذه؟ قالت: أسماء بنت عميس.

قال عمر: الحبشيّة هذه؟ البحريّة هذه؟ فقالت أسماء: نعم. فقال عمر: سبقناكم بالهجرة، فنحن أحقّ برسول الله صلّى الله عليه وسلّم منكم. فغضبت، وقالت كلمة:

كذبت. يا عمر كلّا والله، كنتم مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يطعم جائعكم، ويعظ جاهلكم وكنّا في دار، أو في أرض البعداء البغضاء «٤» في الحبشة وذلك في الله وفي رسوله، وايم الله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتّى أذكر ما قلت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ونحن كنّا نؤذى ونخاف وسأذكر ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأسأله. وو الله لا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد على ذلك. قال فلمّا جاء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قالت: يا نبيّ الله، إنّ عمر قال كذا وكذا.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ليس بأحقّ بي منكم، وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم أهل السّفينة هجرتان» قالت: فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السّفينة يأتوني أرسالا «٥» يسألوني عن هذا الحديث، ما من الدّنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم ممّا قال لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

قال أبو بردة: فقالت أسماء: فلقد رأيت أبا موسى، وإنّه ليستعيد هذا الحديث منّي) * «٦» .

١٠-* (عن عبد الله بن بسر- رضي الله


(١) البخاري- الفتح ١١ (٦٢٢٩) . ومسلم (٢١٢١) واللفظ له.
(٢) أصغرهما: هكذا في النسخ: أصغرهما. والوجه أصغر منهما.
(٣) فأسهم لنا أو قال أعطانا منها، هذا الإعطاء محمول على أنه برضا الغانمين.
(٤) البعداء والبغضاء: قال العلماء: البعداء: في النسب، البغضاء في الدين. لأنهم كفار. إلا النجاشي، وكان يستخفي بإسلامه عن قومه ويوري لهم.
(٥) أرسالا: أي أفواجا، فوجا بعد فوج. يقال: أورد إبله أرسالا أي متقطعة متتابعة. وأوردها عراكا أي مجتمعة.
(٦) البخاري- الفتح ٧ (٤٢٣٠، ٤٢٣١) . ومسلم (٢٥٠٢، ٢٥٠٣) واللفظ له.