للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

امرأ تنصّر في الجاهليّة، وكان يكتب الكتاب العربيّ، ويكتب من الإنجيل بالعربيّة ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت خديجة: يا عمّ، اسمع من ابن أخيك، قال ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم خبر ما رأى، فقال ورقة: هذا النّاموس الّذي أنزل على موسى، ليتني فيها جذعا، ليتني أكون حيّا- ذكر حرفا «١» - قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

أو مخرجيّ هم قال ورقة: نعم، لم يأت رجل بما جئت به إلّا أوذي، وإن يدركني يومك حيّا أنصرك نصرا مؤزّرا.

ثمّ لم ينشب ورقة أن توفّي وفتر الوحي فترة حتّى حزن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم» ) * «٢» .

١٨-* (عن عائشة- رضي الله عنها- زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أراد أن يخرج سفرا، أقرع بين نسائه. فأيّتهنّ خرج سهمها، خرج بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معه. قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها. فخرج فيها سهمي. فخرجت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وذلك بعد ما أنزل الحجاب...... الحديث وفيه قالت: ودعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليّ بن أبي طالب وأسامة ابن زيد حين استلبث الوحي. يستشيرهما في فراق أهله. قالت: فأمّا أسامة بن زيد فأشار على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالّذي يعلم من براءة أهله، وبالّذي يعلم في نفسه لهم من الودّ. فقال: يا رسول الله، هم أهلك ولا نعلم إلّا خيرا. وأمّا عليّ بن أبي طالب فقال: لم يضيّق الله عليك والنّساء سواها كثير. وإن تسأل الجارية تصدقك. قالت: فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بريرة فقال «أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك من عائشة؟» قالت له بريرة: والّذي بعثك بالحقّ إن «٣» رأيت عليها أمرا قطّ أغمصه «٤» عليها، أكثر من أنّها جارية حديثة السّنّ، تنام عن عجين أهلها، فتأتي الدّاجن «٥» فتأكله. قالت:

فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المنبر، فاستعذر «٦» من عبد الله ابن أبيّ ابن سلول. قالت: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو على المنبر «يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي. فو الله ما علمت على أهلي إلّا خيرا. ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلّا خيرا. وما كان يدخل على أهلي إلّا معي» فقام سعد بن معاذ الأنصاريّ، فقال: أنا أعذرك منه. يا رسول الله إن كان من الأوس ضربنا عنقه. وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك ... الحديث) * «٧» .

١٩-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد. ولقد أخفت في الله وما يخاف أحد. ولقد أتت عليّ ثالثة وما لي ولبلال طعام يأكله ذو كبد، إلّا


(١) ذكر حرفا: أي قال: عبارة هى «إذ يخرجك قومك» كما جاء في رواية أخرى.
(٢) البخاري- الفتح ٨ (٤٩٥٣) .
(٣) إن. هنا نافية.
(٤) أغمصه: أي أعبيها به.
(٥) الداجن: الشاة التي تألف البيت ولا تخرج للمرعى، ومعنى هذا الكلام: أنه ليس فيها شيء مما تسألون عنه أصلا ولا فيها شيء من غيره إلا نومها عن العجين.
(٦) استعذر: معناه: من يعذرني فيمن آذاني في أهلي، وقيل: معناه من ينصرني، والعذير: الناصر.
(٧) البخاري- الفتح ٧ (٤١٤١) . ومسلم ٤ (٢٧٧٠) .