للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لي فلأقل «١» . قال: «قل» . فأتاه فقال له. وذكر ما بينهما. وقال: إنّ هذا الرّجل قد أراد صدقة. وقد عنّانا «٢» . فلمّا سمعه قال: وأيضا. والله لتملّنّه «٣» . قال:

إنّا قد اتّبعناه الآن. ونكره أن ندعه حتّى ننظر إلى أيّ شيء يصير أمره. قال: وقد أردت أن تسلفني سلفا.

قال: فما ترهنني؟ قال: ما تريد. قال: ترهنني نساءكم. قال: أنت أجمل العرب. أنرهنك نساءنا؟

قال له: ترهنوني أولادكم. قال: يسبّ ابن أحدنا.

فيقال: رهن في وسقين «٤» من تمر. ولكن نرهنك اللأمة (يعني السّلاح) . قال: فنعم. وواعده أن يأتيه بالحارث وأبي عبس بن جبر وعبّاد بن بشر. قال:

فجاءوا فدعوه ليلا، فنزل إليهم. قال سفيان: قال غير عمرو: قالت له امرأته: إنّي لأسمع صوتا كأنّه صوت دم «٥» . قال: إنّما هذا محمّد بن مسلمة ورضيعه وأبو نائلة «٦» . إنّ الكريم لو دعي إلى طعنة ليلا لأجاب.

قال محمّد: إنّي إذا جاء فسوف أمدّ يدي إلى رأسه. فإذا استمكنت منه فدونكم. قال: فلمّا نزل، نزل وهو متوشّح. فقالوا: نجد منك ريح الطّيب. قال: نعم.

تحتي فلانة، هي أعطر نساء العرب. قال: فتأذن لي أن أشمّ منه. قال: نعم، فشمّ. فتناول فشمّ. ثمّ قال: أتأذن لي أن أعود؟ قال: فاستمكن من رأسه. ثمّ قال:

دونكم. قال: فقتلوه) «٧» .

٢٦-* (عن جابر- رضي الله عنه- قال:

نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن أكل البصل والكرّاث. فغلبتنا الحاجة فأكلنا منها. فقال: «من أكل من هذه الشّجرة المنتنة فلا يقربنّ مسجدنا. فإنّ الملائكة تتأذّى ممّا يتأذّى منه الإنس» ) * «٨» .

٢٧-* (عن أبي سعيد- رضي الله عنه- أنّ جبريل أتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم؛ فقال: يا محمّد، اشتكيت؟

فقال: نعم. قال: باسم الله أرقيك، من كلّ شيء يؤذيك، من شرّ كلّ نفس أو عين حاسد الله يشفيك «٩» باسم الله أرقيك» ) * «١٠» .


(١) ائذن لي فلأقل: معناه ائذن لي أن أقول عني وعنك ما رأيته مصلحة من التعريض وغيره.
(٢) قد عنانا: أي أوقعنا في العناء وهو التعب والمشقة وكلفنا ما يشق علينا. قال النووي: هذا من التعريض الجائز بل المستحب. لأن معناه في الباطن أنه أدبنا بآداب الشرع التي فيها تعب. لكنه تعب في مرضاة الله تعالى. فهو محبوب لنا والذي فهم المخاطب منه العناء الذي ليس بمحبوب.
(٣) لتملنه: أي لتضجرن منه أكثر من هذا الضجر.
(٤) بوسقين: الوسق، بفتح الواو وكسرها. وأصله الحمل.
(٥) كأنه صوت دم: أي صوت طالب دم. أو صوت سافك دم.
(٦) إنمّا هذا محمد بن مسلمة ورضيعه وأبو نائلة: هكذا هو في جميع النسخ. قال القاضي- رحمه الله تعالى-: قال لنا شيخنا القاضي الشهيد: صوابه أن يقال: إنما هو محمد ورضيعه أبو نائلة. وكذا ذكر أهل السير أن أبا نائلة كان رضيعا لمحمد بن مسلمة.
(٧) البخاري- الفتح ٥ (٢٥١٠) . ومسلم (٢٨٠١) واللفظ له
(٨) مسلم (٥٦٤) واللفظ له. ونحوه عند البخاري (٩/ ٥٤٥٢) .
(٩) قوله (يشفيك) بفتح ياء المضارعة ماضيه شفى (ثلاثى) بمعنى برأ فإذا ضمت (ياء المضارعة) كأن من (أشفاه) أي أهلكه وتسمى الهمزة همزة الإزالة أي إزالة الشفاء وهو الهلاك ويروى أن امرأة عادت الشافعي وهو مريض فقالت: الله يشفيك. وضمت ياء المضارعة فقال الشافعي: اللهم بقلبها لا بلسانها.
(١٠) مسلم (٢١٨٦) .