للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انتزى «١» أهل المدينة مع ابن الزّبير، وخلعوا يزيد بن معاوية، فقال: إنّا قد بايعنا هذا الرّجل ببيع الله ورسوله وإنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «الغادر ينصب له لواء يوم القيامة، فيقال له: هذه غدرة فلان، وإنّ من أعظم الغدر- إلّا أن يكون الإشراك بالله تعالى- أن يبايع الرّجل رجلا على بيع الله ورسوله، ثمّ ينكث بيعته» فلا يخلعنّ أحد منكم يزيد، ولا يسرفنّ أحد منكم في هذا الأمر فيكون صيلما «٢» فيما بيني وبينكم» ) * «٣» .

من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (الاسراف)

١-* (قال عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه- لجابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- لمّا مرّ عليه ومعه حامل لحم: «أما يريد أحدكم أن يطوي بطنه لجاره وابن عمّه؟ فأين تذهب عنكم هذه الآية أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها» ) * «٤» .

٢-* (قال ابن عبّاس- رضي الله عنهما- في تفسير قوله تعالى: وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ: يعني في غير إسراف ولا تقتير) * «٥» .

٣-* (قال عطاء بن أبي رباح- رحمه الله تعالى- في معنى قوله تعالى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ نهوا عن الإسراف في كلّ شيء) * «٦» .

٤-* (وقال السّدّيّ- رحمه الله تعالى- فيها:

«لا تعطوا أموالكم فتقعدوا فقراء» ) * «٧» .

٥-* (وقال ابن كثير- رحمه الله تعالى-: «لا تسرفوا في الأكل لما فيه من مضرّة العقل والبدن» ) * «٨» .

٦-* (قال إياس بن معاوية- رحمه الله تعالى- «ما جاوزت به أمر الله فهو سرف» ) * «٩» .

٧-* (قال سفيان- رحمه الله تعالى- «ما


(١) انتزى: افتعل من النزو وهو تسرع الإنسان إلى الشر.
(٢) الصيلم: القطيعة.
(٣) أحمد (٢/ ٩٦) ، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح (٨/ ٨٤، برقم ٥٧٠٩) . والمرفوع منه في الصحيحين كما في البخاري (١٠/ ٤٦٤) . ومسلم (١٧٣٥) .
(٤) الترغيب والترهيب للمنذري (٣/ ١٤١، ١٤٢) ، ونقل قول الحليمي- رحمه الله-: هذا الوعيد من الله- تعالى- وإن كان للكفار الذين يقدمون على الطيبات المحظورة، فقد يخشى مثله على المنهمكين في الطيبات المباحة لأن من يتعودها مالت نفسه إلى الدنيا فلم يأمن أن يرتكب في الشهوات والملاذ كلما أجاب نفسه إلى واحد منها دعته إلى غيرها، فيصير إلى أن لا يمكنه عصيان نفسه في هوى قط فإذا آل به الأمر إلى هذا لم يبعد أن يقال له الآية، فلا ينبغي أن تعود النفس فربما تميل به إلى الشره ثم يصعب تداركها، ولترض من أول الأمر على السداد فإن ذلك أهون من أن تدرب على الفساد ثم يجتهد في إعادتها إلى الإصلاح.
(٥) الأدب المفرد للبخاري (١/ ٣٨٨، ٣٨٩)
(٦) المرجع السابق (٢/ ١٨٢) .
(٧) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(٨) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(٩) تفسير ابن كثير (٢/ ١٨٢)