للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الّتي خلق عليها غير هاتين المرّتين، رأيته منهبطا من السّماء، سادّا عظم خلقه ما بين السّماء إلى الأرض «١» .

فقالت: أو لم تسمع أنّ الله يقول: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (الأنعام/ ١٠٣) أو لم تسمع أنّ الله يقول: وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (الشورى/ ٥١) ، قالت: ومن زعم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كتم شيئا من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية، والله يقول: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ (المائدة/ ٦٧) ، قالت:

ومن زعم أنّه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية، والله يقول: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ (النمل/ ٦٥)) * «٢» .

٤-* (قال زريق بن حكيم: كتبت إلى عمر ابن عبد العزيز: أرأيت رجلا افتري عليه أو على أبويه وقد هلكا أو أحدهما قال: فكتب إليّ عمر إن عفا فأجز عفوه في نفسه، وإن افتري على أبويه وقد هلكا أو أحدهما فخذ له بكتاب الله إلّا أن يريد سترا قال يحيى: سمعت مالكا يقول: وذلك أن يكون الرّجل المفترى عليه يخاف إن كشف ذلك منه أن تقوم عليه بيّنة فإذا كان على ما وصفت فعفا جاز عفوه) * «٣» .

٥-* (عن أبي الزّناد أنّه قال: جلد عمر بن عبد العزيز عبدا في فرية ثمانين، قال أبو الزّناد: فسألت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن ذلك فقال: أدركت عمر بن الخطّاب وعثمان بن عفّان، والخلفاء هلمّ جرّا فما رأيت أحدا جلد عبدا في فرية أكثر من أربعين) * «٤» .

[من مضار (الافتراء)]

(١) الافتراء أعظم من الكذب وأشدّ خطرا على المجتمع.

(٢) وسيلة لدمار صاحبه ومن حوله.

(٣) الافتراء يسخط الجبّار وطريق إلى النّار.

(٤) يسقط عدالة صاحبه بين النّاس.

(٥) يصبح المفتري مهينا محتقرا بين النّاس.

(٦) دليل ضعف الإيمان.


(١) سادا عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض: هكذا هو في الأصول: ما بين السماء إلى الأرض، وهو صحيح، وأما عظم خلقه فضبط على وجهين: أحدهما عظم بضم العين وسكون الظاء. والثاني عظم بكسر العين وفتح الظاء، وكلاهما صحيح.
(٢) مسلم (١٧٧) .
(٣) تنوير الحوالك- الموطأ (٣/ ٤٥- ٤٦) .
(٤) تنوير الحوالك- الموطأ (٣/ ٤٥) .