للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيطانة فغشيها «١» والنّاس ينظرون..) * «٢» .

١٥-* (عن جابر- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: «إذا حدّث الرّجل بالحديث ثمّ التفت فهي أمانة» ) «٣» .

١٦-* (عن عبد الله بن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: «لم أزل حريصا على أن أسأل عمر رضي الله عنه- عن المرأتين من أزواج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم اللّتين قال الله لهما إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما (التحريم/ ٤) ، فحججت معه، فعدل وعدلت معه بالإداوة «٤» ، فتبرّز، ثمّ جاء فسكبت على يديه من الإداوة فتوضأ. فقلت: يا أمير المؤمنين، من المرأتان من أزواج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم اللّتان قال الله عزّ وجلّ لهما إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما فقال:

واعجبا لك يا ابن عبّاس، عائشة وحفصة. ثمّ استقبل عمر الحديث يسوقه فقال: إنّي كنت وجار لي من الأنصار في بني أميّة بن زيد- وهي من عوالي المدينة- وكنّا نتناوب النّزول على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فينزل يوما وأنزل يوما، فإذا نزلت جئته من خبر ذلك اليوم من الأمر وغيره، وإذا نزل فعل مثله، وكنّا معشر قريش نغلب النّساء، فلمّا قدمنا على الأنصار إذ هم قوم تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار، فصحت على امرأتي، فراجعتني، فأنكرت أن تراجعني، فقالت: ولم تنكر أن أراجعك؟

فو الله إنّ أزواج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليراجعنه، وإنّ إحداهنّ لتهجره اليوم حتّى اللّيل. فأفزعتني. فقلت: خابت من فعلت منهنّ بعظيم. ثمّ جمعت عليّ ثيابي فدخلت على حفصة فقلت: أي حفصة، أتغاضب إحداكنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اليوم حتّى اللّيل؟ فقالت: نعم. فقلت:

خابت وخسرت. أفتأمن أن يغضب الله لغضب رسوله فتهلكين؟ لا تستكثري على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا تراجعيه في شيء، ولا تهجريه، وسليني ما بدا لك. ولا يغرّنّك أن كانت جارتك هي أوضأ منك وأحبّ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (يريد عائشة) . وكنّا تحدّثنا أنّ غسّان تنعل النّعال لغزونا، فنزل صاحبي يوم نوبته، فرجع عشاء فضرب بابي ضربا شديدا وقال: أثمّ هو؟

ففزعت فخرجت إليه، وقال: حدث أمر عظيم، قلت، ما هو، أجاءت غسّان؟ قال: لا، بل أعظم منه وأطول، طلّق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نساءه: قال قد خابت حفصة وخسرت. كنت أظنّ أنّ هذا يوشك أن يكون، فجمعت عليّ ثيابي، فصلّيت صلاة الفجر مع النّبيّ


(١) غشيها واقعها وارتكب معها الفاحشة.
(٢) ذكره المنذري في الترغيب والترهيب في باب إفشاء السر ٣/ ٨٦ هكذا، وهو عند احمد ٢/ ٥٤١ وابي داود ٢/ ٥٢- ٢٥٤ (رقم ٢١٧٣) وقد روياه مطولا ضمن حديث أبي هريرة وأصله عند مسلم (١٤٢٧) .
(٣) أبو داود (٤٨٦٨) واللفظ له، والترمذي (١٩٥٩) وقال: حديث حسن، وأحمد في المسند (٣/ ٣٢٤) والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٢٤٧) ، ومجمع الزوائد (٨/ ٩٨) والصمت وآداب اللسان لابن أبي الدنيا (٤٤٩) حديث رقم (٤٠٤) ، وقال محققه: حديث حسن، والألباني في صحيح الجامع، حديث رقم (٤٨٦) وحسنه.
(٤) الاداوة: اناء صغير من جلد يتخذ للماء (النهاية لابن الاثير ١/ ٣٣) .