للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: يا رسول الله ألا نقاتلهم؟ قال: «لا ما صلّوا» ) * «١» .

٥-* (عن عليّ- رضي الله عنه- قال: بعث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم سريّة وأمّر عليهم رجلا من الأنصار وأمرهم أن يطيعوه، فغضب عليهم وقال: أليس قد أمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن تطيعوني؟ قالوا: بلى قال: قد عزمت عليكم لما جمعتم حطبا وأوقدتم نارا ثمّ دخلتم فيها. فجمعوا حطبا فأوقدوا نارا، فلمّا همّوا بالدّخول فقاموا ينظر بعضهم إلى بعض، فقال بعضهم: إنّما تبعنا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فرارا من النّار أفندخلها؟ فبينما هم كذلك إذ خمدت النّار وسكن غضبه، فذكر للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: «لو دخلوها ما خرجوا منها أبدا، إنّما الطّاعة في المعروف» ) * «٢» .

٦-* (عن حذيفة- رضي الله عنه- قال:

سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا، فأيّ قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأيّ قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتّى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصّفا، فلا تضرّه فتنة ما دامت السّماوات والأرض، والآخر أسود مربادّا «٣» كالكوز مجخّيا «٤» ، لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلّا ما أشرب من هواه) * «٥» .

٧-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:

خرج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في ساعة لا يخرج فيها ولا يلقاه فيها أحد، فأتاه أبو بكر فقال: ما جاء بك يا أبا بكر؟

فقال: خرجت ألقى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنظر في وجهه والتّسليم عليه، فلم يلبث أن جاء عمر، فقال: ما جاء بك يا عمر؟ قال: الجوع يا رسول الله. قال: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «وأنا قد وجدت بعض ذلك» ، فانطلقوا إلى منزل أبي الهيثم بن التّيّهان الأنصاريّ، وكان رجلا كثير النّخل والشّاء، ولم يكن له خدم فلم يجدوه، فقالوا لامرأته: أين صاحبك؟ فقالت: انطلق يستعذب لنا الماء، فلم يلبثوا أن جاء أبو الهيثم بقربة يزعبها «٦» فوضعها، ثمّ جاء يلتزم النّبيّ ويفدّيه بأبيه وأمّه، ثمّ انطلق بهم إلى حديقته فبسط لهم بساطا، ثمّ انطلق إلى نخلة فجاء بقنو فوضعه، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

«أفلا تنقّيت لنا من رطبه؟» فقال: يا رسول الله إنّي أردت أن تختاروا- أو قال تخيّروا- من رطبه وبسره، فأكلوا وشربوا من ذلك الماء، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

«هذا والّذي نفسي بيده من النّعيم الّذي تسألون عنه يوم القيامة. ظلّ بارد ورطب طيّب وماء بارد» فانطلق أبو الهيثم ليصنع لهم طعاما، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا تذبحنّ ذات درّ «٧» . فذبح لهم عناقا «٨» أو جديا فأتاهم بها فأكلوا، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «هل لك خادم؟» قال:

لا. قال: «فإذا أتانا سبي فأتنا. «فأتي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم برأسين


(١) مسلم (١٨٥٤) .
(٢) البخاري- الفتح ١٣ (٧١٤٥) اللفظ له مسلم (١٨٤٠) .
(٣) مربادّا: مسودّا.
(٤) مجخّيا: مائلا.
(٥) البخاري- الفتح ٢ (٥٢٥) . ومسلم (١٤٤) واللفظ له.
(٦) يزعبها: أي يتدافع بها ويحملها لثقلها. وقيل: زعب بحمله: إذا استقام.
(٧) ذات درّ: أي ذات لبن.
(٨) العناق: الأنثى من المعز.