للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله صلّى الله عليه وسلّم. قال «فيبقى شرار النّاس في خفّة الطّير وأحلام السّباع «١» . لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا، فيتمثّل لهم الشّيطان فيقول: ألا تستجيبون؟

فيقولون: فما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان، وهم في ذلك دارّ رزقهم «٢» ، حسن عيشهم، ثمّ ينفخ في الصّور، فلا يسمع أحد إلّا أصغى ليتا ورفع ليتا «٣» .

قال: وأوّل من يسمعه رجل يلوط حوض إبله «٤» .

قال: فيصعق، ويصعق النّاس، ثمّ يرسل الله- أو قال- ينزل الله مطرا كأنّه الطّلّ أو الظّلّ «٥» فتنبت منه أجساد النّاس، ثمّ ينفخ فيه أخرى فإذاهم قيام ينظرون. ثمّ يقال: يا أيّها النّاس هلمّ إلى ربّكم.

وقفوهم إنّهم مسئولون. قال: ثمّ يقال: أخرجوا بعث النّار فيقال: من كم؟ فيقال: من كلّ ألف، تسعمائة وتسعة وتسعين. قال: فذاك يوم يجعل الولدان شيبا.

وذلك يوم يكشف عن ساق» ) * «٦» .

١٦-* (عن أبي بكر الصّدّيق- رضي الله عنه- أنّه قال: يا أيّها النّاس إنّكم تقرءون هذه الآية:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ (المائدة/ ١٠٥) وإنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ النّاس إذا رأوا ظالما فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمّهم الله بعقاب منه» ) * «٧» .

١٧-* (عن أسامة بن زيد- رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «يؤتى بالرّجل يوم القيامة فيلقى في النّار، فتندلق أقتاب بطنه «٨» فيدور بها كما يدور الحمار بالرّحى، فيجتمع إليه أهل النّار، فيقولون: يا فلان مالك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى. قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه» ) * «٩» .

من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف

١-* (قال الشّعبيّ- رحمه الله-: «يطّلع قوم من أهل الجنّة إلى قوم من أهل النّار، فيقولون لهم: ما أدخلكم النّار؟ وإنّما أدخلنا الله تعالى الجنّة بفضل تأديبكم وتعليمكم، فقالوا: إنّا كنّا نأمر بالخير ولا نفعله» ) * «١٠» .

٢-* (عن الأغرّ أبي مالك قال: «لمّا أراد أبو


(١) في خفة الطير وأحلام السباع: قال العلماء: معناه يكونون في سرعتهم إلى الشرور وقضاء الشهوات والفساد، كطيران الطير. وفي العدوان وظلم بعضهم بعضا، في أخلاق السباع العادية.
(٢) دارّ رزقهم: أي كثير رزقهم.
(٣) أصغى ليتا ورفع ليتا: أصغى: أمال. والليت: صفحة العنق، وهي جانبه.
(٤) يلوط حوض ابله: أي يطيّنه ويصلحه.
(٥) كأنه الطل أو الظل: قال العلماء: الأصح الطل. وهو الموافق للحديث الآخر أنه كمني الرجال.
(٦) مسلم (٢٩٤٠) .
(٧) أبو داود (٤٣٣٨) . والترمذي (٢١٦٨) واللفظ له. وقال: حديث صحيح. وقال محقق «جامع الأصول» (١/ ٣٣١) : إسناده قوي.
(٨) فتندلق أقتاب بطنه: أي تخرج حوايا وأمعاء بطنه.
(٩) مسلم (٢٩٨٩) .
(١٠) تنبيه الغافلين (٩١) .