للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأمن من المكر]

[الأمن لغة:]

تدور مادّة «أمن» حول معنيين: الأمانة، والتّصديق، يقول ابن فارس الهمزة والميم والنّون أصلان متقاربان: أحدهما: الأمانة الّتي هي ضدّ الخيانة، ومعناها سكون القلب، والآخر: التّصديق.

فمن الأوّل: الأمنة من الأمن، والأمان إعطاؤه، والأمانة ضدّ الخيانة. يقال: أمنت الرّجل أمنا وأمنة، وأمانا، وأمنني يؤمنني إيمانا، والعرب تقول:

رجل أمان، إذا كان أمينا ... ومن الثّاني: التّصديق، ومنه قوله تعالى: وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا (يوسف/ ١٧) أي مصدّق لنا.

ويقول الرّاغب: أصل الأمن طمأنينة النّفس، وزوال الخوف. والأمن والأمانة والأمان في الأصل مصادر، ويجعل الأمان تارة اسما للحالة الّتي يكون عليها الإنسان في الأمن، وتارة اسما لما يؤمن عليه الإنسان نحو قوله وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ (الأنفال/ ٢٧) أي ما ائتمنتم عليه.

وقال ابن منظور: الأمن نقيض الخوف، أمن فلان يأمن أمنا وأمنا. حكى هذا الزّجّاج، وأمنة

الآيات/ الأحاديث/ الآثار

٢/ ٢/ ١٧

وأمانا فهو آمن.

والأمنة: الأمن، وفي حديث نزول المسيح، على نبيّنا وعليه الصّلاة والسّلام: «وتقع الأمنة في الأرض» أي الأمن، يريد أنّ الأرض تمتلأ بالأمن فلا يخاف أحد من النّاس والحيوان. وفي الحديث:

«النّجوم أمنة، فإذا ذهبت النّجوم أتى السّماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمّتي فإذا ذهب أصحابي أتى الأمّة ما توعد» «١» .

[المكر لغة واصطلاحا:]

(انظر صفة المكر) .

[الأمن من المكر اصطلاحا:]

قال ابن حجر: الأمن من مكر الله تعالى يتحقّق بالاسترسال في المعاصي مع الاتّكال على الرّحمة «٢» .

وقيل: هو الاسترسال على المعاصي اتّكالا على عفو الله تعالى «٣» .

[حقيقة مكر الله:]

قال الرّاغب: مكر الله تعالى: صفة حقيقيّة على ما يليق بجلال الله وكماله ومن لوازمها إمهال العبد


(١) لسان العرب (٣١/ ٢١) .
(٢) الزواجر (١/ ٨٦) .
(٣) التحرير والتنوير لابن عاشور (٩/ ٢٥) .