للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[البغي]

[البغي لغة:]

البغي مصدر قولهم: بغى يبغي، وهو مأخوذ من مادّة (ب غ ي) الّتي تدلّ- فيما يقول ابن فارس- على معنيين: الأوّل، طلب الشّيء، يقال: بغيت الشّيء:

إذا طلبته، والبغية: الحاجة (الّتي يطلبها الإنسان) ، والثّاني: جنس من الفساد، ومنه قولهم: بغى الجرح إذا ترامى إلى فساد، ثمّ يشتقّ من هذا ما بعده، فالبغيّ الفاجرة، يقال: بغت تبغى بغاء فهي بغيّ، ومنه أن يبغي الإنسان على آخر فيظلمه، والبغي: الظّلم، قال الشّاعر:

ولكنّ الفتى حمل بن بدر ... بغى والبغي مرتعه وخيم

وأرجع الرّاغب معاني المادّة إلى معنى واحد ردّ إليه جميع مشتقّاتها فقال: البغي: طلب تجاوز الاقتصاد فيما يتحرّى، حدث التّجاوز أو لم يحدث، يقال: بغيت الشّيء: إذا طلبته أكثر ممّا يجب، والابتغاء مثله، وبغت السّماء: تجاوزت في المطر الحدّ المحتاج إليه، وبغى الإنسان: تكبّر، لتجاوزه منزلته إلى ما ليس له، وبغت المرأة فهي بغيّ لتجاوزها ما ليس لها أن تتجاوزه، وبغى

الآيات/ الأحاديث/ الآثار

١٨/ ١١/ ١٤

الجرح إذا تجاوز الحدّ في فساده.

وقيل: البغي: التّعدّي، يقال: بغى الرّجل على الرّجل: استطال وعدل عن الحقّ، قال تعالى: فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ (الحجرات/ ٩) ، البغي هنا هو الاستطالة والظّلم وإباء الصّلح «١» ، والفرقة الباغية هي الّتي خالفت الإمام بتأويل باطل بطلانا بحسب الظّنّ لا القطع «٢» . وقيل: هي الظّالمة الخارجة عن طاعة الإمام العادل.

ويقال: بغى الوالي: ظلم، وكلّ مجاوزة للحدّ وإفراط على المقدار الّذي هو حدّ الشّيء فهو بغي، وقول الله تعالى: يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ (يونس/ ٣٣) ، معناه: يعملون في الأرض بالفساد والمعاصي، وقيل يطلبون الاستعلاء بالفساد، وبغير الحقّ أي بالتّكذيب «٣» ، وتباغوا: بغى بعضهم على بعض، والبغي في قول الله تعالى: قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ (الأعراف/ ٣٣) ، البغي هنا هو الاستطالة على النّاس، وقيل: الكبر، وقيل: الظّلم والفساد، وقال


(١) مقاييس اللغة لابن فارس ١/ ٢١٨، والمفردات للراغب ص ٥٥.
(٢) رغائب الفرقان للنيسابوري (بهامش الطبري) ح ٢٦ ص ٨٤.
(٣) تفسير القرطبي (٨/ ٢٠٨) .