للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليعالج زوالها؛ لأنّ من كان في قلبه مرض منها لم يلق الله والعياذ بالله- بقلب سليم، وهذه يذمّ عليها أعظم ممّا يذمّ على الزّنا والسّرقة وغيرها من كبائر البدن، وذلك لعظيم مفسدتها وسوء أثرها ودوامه، وإذا دامت هذه الكبائر صارت حالا وهيئة راسخة في القلب بخلاف آثار معاصي الجوارح الّتي تزول بالتّوبة والاستغفار والحسنات الماحية والمصائب المكفّرة «١» ، أمّا البغي بمعنى الخروج على الإمام فهو أيضا من الكبائر- خلافا لبعضهم- لما يترتّب على ذلك من المفاسد الّتي لا يحصى ضررها ولا ينطفىء شررها مع عدم عذر الخارجين «٢» .

[من معاني كلمة «البغي» في القرآن الكريم:]

ورد في القرآن لفظ البغي على خمسة أوجه:

الأوّل: بمعنى الظّلم: قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ (الأعراف/ ٣٣) ، وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ (النحل/ ٩٠) .

الثّاني: بمعنى المعصية، والزّلّة. فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ (يونس/ ٢٣) أي يعصون، يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ (يونس/ ٢٣) .

الثّالث: بمعنى الحسد: بَغْياً بَيْنَهُمْ (الشورى/ ١٤) أي حسدا.

الرّابع: بمعنى الزّنى: وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ (النور/ ٣٣) .

الخامس: بمعنى الطّلب: وَيَبْغُونَها عِوَجاً (الأعراف/ ٤٥) أي يطلبون لها اعوجاجا «٣» .

[للاستزادة: انظر صفات: الظلم- الإجرام- الأذى- الإساءة- الإرهاب- العدوان- العتو- الطغيان- الفجور- الحرب والمحاربة- الفتنة- الكبر والعجب- القسوة.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: الاستقامة- التوسط- الطاعة- الإنصاف- العدل والمساواة- السلم- الإحسان- القسط- الصلح] .


(١) الزواجر (بتصرف) ص (٩٨، ٩٩) .
(٢) المرجع السابق (٥١٤) .
(٣) بصائر ذوي التمييز (٢/ ٢٦٢، ٢٦٣) .