للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (التخلف (القعود) عن الجهاد)

١-* (قال عمر بن الخطّاب: «كرم المؤمن تقواه، ودينه حسبه، ومروءته خلقه، والجرأة والجبن غرائز يضعها الله حيث شاء، فالجبان يفرّ عن أبيه وأمّه، والجريء يقاتل عمّا لا يؤوب به إلى رحله، والقتل حتف من الحتوف، والشّهيد من احتسب نفسه على الله» ) *» .

٢-* (عن أبي عمران «٢» - رضي الله عنه- قال: كنّا بمدينة الرّوم فأخرجوا إلينا صفّا عظيما من الرّوم فخرج إليهم من المسلمين مثلهم أو أكثر، وعلى أهل مصر عقبة بن عامر- رضي الله عنه- وعلى الجماعة فضالة بن عبيد- رضي الله عنه- فحمل رجل من المسلمين على صفّ الرّوم حتّى دخل بينهم، فصاح النّاس، وقالوا: سبحان الله يلقي بيده إلى التّهلكة، فقام أبو أيّوب، فقال: أيّها النّاس إنّكم لتؤوّلون هذا التّأويل، وإنّما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار لمّا أعزّ الله الإسلام، وكثر ناصروه، فقال بعضنا لبعض سرّا دون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنّ أموالنا قد ضاعت، وإنّ الله تعالى قد أعزّ الإسلام، وكثر ناصروه، فلو أقمنا في أموالنا وأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله تعالى على نبيّه صلّى الله عليه وسلّم يردّ علينا ما قلنا، وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (البقرة/ ١٩٥) .

وكانت التّهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها، وتركنا الغزو، فما زال أبو أيّوب شاخصا في سبيل الله حتّى دفن بأرض الرّوم» ) * «٣» .

٣-* (عن ابن عون قال: «كتبت إلى نافع أسأله: ما أقعد ابن عمر عن الغزو، أو عن القوم إذا غزوا بما يدعون العدوّ قبل أن يقاتلوهم، وهل يحمل الرّجل إذا كان في الكتيبة بغير إذن إمامه؟ فكتب إليّ: أنّ ابن عمر قد كان يغزو ولده، ويحمل على الظّهر، وكان يقول: إنّ أفضل العمل بعد الصّلاة الجهاد في سبيل الله تعالى، وما أقعد ابن عمر عن الغزو إلّا وصايا لعمر وصبيان صغار وضيعة كثيرة، وقد أغار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على بني المصطلق وهم غارّون يسقون على نعمهم، فقتل مقاتلتهم، وسبى سباياهم، وأصاب جويرية بنت الحارث. قال: فحدّثني بهذا الحديث ابن عمر، وكان في ذلك الجيش وإنّما كانوا يدعون في أوّل الإسلام، وأمّا الرّجل فلا يحمل على الكتيبة إلّا بإذن إمامه» ) * «٤» .

٤-* (عن شقيق قال: «لقي عبد الرّحمن بن عوف الوليد بن عقبة فقال له الوليد: مالي أراك قد جفوت أمير المؤمنين عثمان؟ فقال له عبد الرّحمن:

أبلغه أنّي لم أفرّ يوم حنين. قال عاصم: يقول: يوم أحد، ولم أتخلّف يوم بدر، ولم أترك سنّة عمر- رضي


(١) تنوير الحوالك: ٢/ ١٩.
(٢) هو أسلم بن يزيد النجيبي المصري.
(٣) رواه الترمذي (٢٩٧٢) ، وقال: حديث غريب صحيح. ونحوه عند أبي داود (٢٥١٢) . وقال الألباني (٢/ ٤٧٨) : صحيح.
(٤) أحمد: ٢/ ٣٢ وقال الشيخ أحمد شاكر (٧/ ٤٦) : إسناده صحيح. والترمذي رقم ٢٩٧٦، وقال: حديث حسن صحيح، وأبو داود رقم ٢٥١٢، وقال محقق جامع الأصول (٢/ ٣٢) : إسناده صحيح، وصححه الحاكم (٢/ ٢٧٥) ، ووافقه الذهبي.