للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنّه قال: خطب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «يا أيّها النّاس، إنّكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلا. ثمّ قال: كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ (الأنبياء/ ١٠٤) إلى آخر الآية. ثمّ قال: «ألا وإنّ أوّل الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم. ألا وإنّه يجاء برجال من أمّتي فيؤخذ بهم ذات الشّمال، فأقول: يا ربّ، أصحابي، فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصّالح: وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلمّا توفّيتني كنت أنت الرّقيب عليهم. فيقال إنّ هؤلاء لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم» ) * «١» .

٩-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «سبعة يظلّهم الله تعالى في ظلّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه: إمام عادل، وشابّ نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلّق في المساجد، ورجلان تحابّا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إنّي أخاف الله، ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتّى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه» ) * «٢» .

١٠-* (عن أبي ذرّ- رضي الله عنه- قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «فرج سقف بيتي وأنا بمكّة، فنزل جبريل صلّى الله عليه وسلّم ففرج صدري، ثمّ غسله من ماء زمزم، ثمّ جاء بطست من ذهب ممتلىء حكمة وإيمانا، فأفرغها في صدري، ثمّ أطبقه، ثمّ أخذ بيدي فعرج بي إلى السّماء. فلمّا جئنا السّماء الدّنيا قال جبريل عليه السّلام لخازن السّماء الدّنيا: افتح. قال: من هذا؟

قال: هذا جبريل. قال: هل معك أحد؟ قال: نعم.

معي محمّد صلّى الله عليه وسلّم. قال: فأرسل إليه؟ قال: نعم. ففتح، قال: فلمّا علونا السّماء الدّنيا فإذا رجل عن يمينه أسودة «٣» . وعن يساره أسودة. قال: فإذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى. قال: فقال:

مرحبا بالنّبيّ الصّالح والابن الصّالح. قال: قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا آدم صلّى الله عليه وسلّم. وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه «٤» : فأهل اليمين أهل الجنّة، والأسودة الّتي عن شماله أهل النّار فإذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى. قال: ثمّ عرج بي جبريل حتّى أتى السّماء الثّانية فقال لخازنها:

افتح. قال: فقال له خازنها مثل ما قال خازن السّماء الدّنيا؛ ففتح. فقال أنس بن مالك: فذكر أنّه وجد في السّماوات آدم وادريس وعيسى وموسى وإبراهيم صلوات الله عليهم أجمعين- ولم يثبت كيف منازلهم.

غير أنّه ذكر أنّه قد وجد آدم عليه السّلام في السّماء الدّنيا، وإبراهيم في السّماء السّادسة قال: فلمّا مرّ جبريل ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم بإدريس صلوات الله عليه


(١) البخاري- الفتح ٨ (٤٦٢٥) واللفظ له. ومسلم (٢٨٦٠) .
(٢) البخاري- الفتح ٣ (١٤٢٣) واللفظ له. ومسلم (١٠٣١) .
(٣) أسودة: جمع سواد. كقذال وأقذلة، وسنام وأسنمة، وزمان وأزمنة. وتجمع الأسودة على أساود. وقال أهل اللغة: السواد الشخص. وقيل: السواد الجماعات.
(٤) نسم بنيه: الواحدة نسمة. قال الخطابي وغيره: هي نفس الإنسان. والمراد أرواح بني آدم.