للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ملأه ولمّا يملأ، ولهذا قيل للّذي يسيء الكيل ولا يوفيه مطفّف، يعني أنّه إنّما يبلغ به الطّفاف «١» .

[التطفيف اصطلاحا:]

قال الرّاغب: طفّف الكيل: قلّل نصيب المكيل له في إيفائه، واستيفائه ومن ثمّ يكون التّطفيف: تقليل نصيب المكيل له في الإيفاء والاستيفاء «٢» .

وقال المناويّ: التّطفيف: التّقليل، ومنه تطفيف الميزان والمكيال، ولا يستعمل إلّا في الإيجاب، فلا يقال: ما طفّف «٣» .

ويستنبط ممّا جاء به القرآن الكريم أنّ التّطفيف: هو الاستيفاء من النّاس عند الكيل أو الوزن، والإنقاص والإخسار عند الكيل أو الوزن لهم. ويلحق بالوزن والكيل ما أشبههما من المقاييس والمعايير الّتي يتعامل بها النّاس «٤» .

[الفرق بين البخس والتطفيف:]

يتمثّل الفرق بينهما في أنّ البخس نقص الشّيء على الظّلم قليلا أو كثيرا، أمّا التّطفيف فهو النّقص القليل أو النّزر الّذي لا يعتدّ به، وأيضا فإنّ التّطفيف يكون بالاستيفاء إذا كان المطفّف آخذا وبالنّقصان إذا كان معطيا، أمّا البخس فلا يكون إلّا نقصانا، يقول الكفويّ: كلّ ما في القرآن من بخس فهو النّقص إلّا في قوله تعالى: وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ (يوسف/ ٢٠) فمعناه حرام «٥» .

[حكم التطفيف:]

عدّ ابن حجر التّطفيف من الكبائر وجعله شاملا لبخس نحو الكيل أو الوزن أو الذّرع، وذلك لأنّه من أكل أموال النّاس بالباطل؛ ولهذا اشتدّ الوعيد عليه كما علمته من الآية والأحاديث، وأيضا فإنّما سمّي مطفّفا لأنّه لا يكاد يأخذ إلّا الشّيء الطّفيف وذلك ضرب من السّرقة والخيانة مع ما فيه من الإنباء عن عدم الأنفة والمروءة بالكلّيّة، ومن ثمّ عوقب بالويل الّذي هو شدّة العذاب، أو الوادي في جهنّم لو سيّرت فيه جبال الدّنيا لذابت من شدّة حرّه، نعوذ بالله منه، وأيضا فقد شدّد الله تعالى عقوبة قوم شعيب- على نبيّنا وعليه الصّلاة والسّلام- على بخسهم المكيال والميزان «٦» .

[للاستزادة: انظر صفات: أكل الحرام- الخيانة- السرقة- الطمع- الظلم- الربا- الخداع- التناجش- الغش- الغلول.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: القسط- الأمانة- الإنصاف- العدل والمساواة- حسن المعاملة- الصلاح- العفة] .


(١) راجع المادة اللغوية في: مقاييس اللغة (٣/ ٤٠٥) ، المفردات (٣١٤) النهاية (٣٠/ ١٢٩) الصحاح (٤/ ١٣٩٥) تاج العروس (٢٢/ ٣٥٥) ولسان العرب (٩/ ٢٢٢) ط. بيروت.
(٢) المفردات للراغب (٣١٤) ، ومعنى هذه العبارة أنّ المطفف يقلل نصيب من يتعامل معه فإن كان مشتريا منه زاد، وإن كان بائعا له أنقص.
(٣) التوقيف (٩٩- ١٠٠) .
(٤) انظر المفردات للراغب (٣٨) (بخس) ، ٣١٤ (طفف) .
(٥) الكليات للكفوي (١/ ٣٨٧) .
(٦) انظر الزواجر لابن حجر (٣٣٤) .