للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العقوبة عليه، ولا يصحّ أن يوصف به إلّا المحرّم «١» .

[الفرق بين الإثم والذنب والوزر:]

قال الكفويّ: إنّ الذّنب هو مطلق الجرم عمدا كان أو سهوا، بخلاف الإثم فإنّه ما يستحقّ فاعله العقاب، فيختصّ بما يكون عمدا.

أمّا الإثم والوزر فهما واحد في الحكم العرفيّ وإن اختلفا في الوضع، فإنّ وضع الوزر للقوّة لأنّه من الإزار، وهو ما يقوّي الإنسان، ووضع الإثم للّذّة وإنّما خصّ به فعل الشّرّ لأنّ الشّرور (في الغالب) ما تكون مستلذّة «٢» .

[العدوان لغة:]

مصدر قولنا عدا عليه، وهو مأخوذ من مادّة (ع د و) الّتي تدلّ على تجاوز في الشّيء وتقدّم لما ينبغي أن يقتصر عليه، والعدوان: الظّلم الصّراح، يقال: عدا عليه (عدوانا) واعتدى عليه (اعتداء) ، وتعدّى عليه (تعدّيا) كلّه بمعنى واحد. وفي اللّسان: عدا عليه عدوا، وعداء، وعدوّا، وعدوانا، وعدوانا، وعدوى، وتعدّى واعتدى كلّه: ظلمه.

وقد أوضح الرّاغب ارتباط فروع هذه المادّة فقال: العدو: التّجاوز ومنافاة الالتئام، فتارة يعتبر (التّجاوز) بالقلب فيقال له: العداوة والمعاداة، وتارة بالمشي فيقال له: العدو، وتارة في الإخلال بالعدالة في المعاملة فيقال له: العدوان والعدو قال تعالى: فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ (الأنعام/ ١٠٨) أي عدوانا، ومن العدوان المحظور ابتداء قوله تعالى: وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ (المائدة/ ٢) . العدوان: هنا هو ظلم النّاس كما يقول القرطبيّ، أو هو تجاوز ما حدّ الله لكم في دينكم وفرض عليكم في أنفسكم «٣» ، ومن العدوان الّذي هو على سبيل المجازاة ويصحّ أن يتعاطى مع من ابتدأ به، قول الله تعالى: فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (البقرة/ ١٩٣) أي لا سبيل إلّا عليهم، والظّالمون هم المشركون بالله، وذلك على وجه المجازاة لما كان من المشركين من الاعتداء، والمعنى حينئذ: افعلوا بهم مثل الّذي فعلوا بكم، كما يقال: إن تعاطيت منّي ظلما تعاطيته منك، والثّاني: ليس بظلم، «٤» ، والعادي: الظّالم، يقال: لا أشمت الله بك عاديك، أي عدوّك الظّالم لك، وقولهم: فلان عدوّ فلان معناه: فلان يعدو على فلان بالمكروه ويظلمه، يقال: عدا عدوا: ظلم وجار، وفي حديث قتادة «أنّه عدي عليه» أي ظلم وسرق ماله، يقال: عدا بنو فلان على بني فلان أي ظلموهم، وعدا الأمر وتعدّاه:

تجاوزه، وعداه عن الأمر عدوا وعدوانا، وعدّاه:

كلاهما صرفه وشغله، والعداء والعدواء والعادية كلّه:

الشّغل يعدوك عن الشّيء، وتعادى ما بينهم: تباعد، وتعادى القوم عادى بعضهم بعضا من العداوة، والعادي: المعتدي، والمعادي أي المتجاوز الطّور،


(١) الكليات للكفوي (٤٠) .
(٢) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(٣) تفسير القرطبي (٦/ ٣٣) ، والطبري (٤/ ٤٠٥) .
(٤) المرجع السابق (٢/ ٢٠٢) .