للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن عبّاس: العسر هو الصّيام في السّفر «١» . وقال القرطبيّ: وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ هو بمعنى قوله:

يريد بكم اليسر فكرّر تأكيدا «٢» .

[التعسير اصطلاحا:]

لم تذكر كتب المصطلحات التّعسير ضمن ما أوردته من مصطلحات، ويمكن أن نستخلص ذلك من جملة أقوال المفسّرين واللّغويّين فنقول:

التّعسير: أن يشدّد الإنسان على نفسه أو غيره في أمر الدّين بالزّيادة على المشروع، أو في أمر الدّنيا بترك الأيسر ما لم يكن إثما.

من شدّد شدّد الله عليه:

قال ابن القيّم- رحمه الله-: نهى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن التّشديد في الدّين بالزّيادة على المشروع، وأخبر صلّى الله عليه وسلّم أنّ تشديد العبد على نفسه هو سبب لتشديد الله عليه إمّا بالقدر وإمّا بالشّرع.

فبالقدر كفعل أهل الوسواس، فإنّهم شدّدوا على أنفسهم فشدّد عليهم حتّى استحكم وصار صفة لازمة لهم.

وأمّا التّشديد بالشّرع: كمن شدّد على نفسه بالنّذر فشدّد الله عليه فألزمه الوفاء به» .

[الكمال لا يعني التشدد:]

قال ابن المنيّر- رحمه الله-: رأينا ورأى النّاس قبلنا أنّ كلّ متنطّع في الدّين يقطع، وليس المراد منع طلب الأكمل في العبادة فإنّه من الأمور المحمودة، بل منع الإفراط المؤدّي إلى الملال أو المبالغة في التّطوّع المفضي إلى ترك الأفضل، أو إخراج الفرض عن وقته كمن بات يصلّي اللّيل كلّه ويغالب النّوم إلى أن غلبته عيناه في آخر اللّيل فنام عن صلاة الصّبح في الجماعة، أو إلى أن خرج الوقت المختار، أو إلى أن طلعت الشّمس فخرج وقت الفريضة «٤» .

[للاستزادة: انظر صفات: الغلو- التفريط والإفراط- التنفير- الأثرة- التخاذل- التكلف- الشح- البخل- الاحتكار.

وفي ضد ذلك انظر صفات: التيسير- التوسط الرفق- تفريج الكربات- الإغاثة- الإخاء التناصر- المواساة- الألفة] .


(١) تفسير الطبريّ (٢/ ١٦٣) .
(٢) تفسير القرطبي (٢/ ١٨٥) .
(٣) إغاثة اللهفان لابن القيم (١/ ١٣٢) بتصرف يسير.
(٤) الفتح (١/ ٩٤) .