للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الله- رضي الله عنه- قال: آخى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بين سلمان وأبي الدّرداء، فزار سلمان أبا الدّرداء، فرأى أمّ الدّرداء متبذّلة «١» فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدّرداء ليس له حاجة في الدّنيا «٢» . فجاء أبو الدّرداء، فصنع له طعاما فقال له: كل. قال: فإنّي صائم، قال: ما أنا بآكل حتّى تأكل. قال: فأكل، فلمّا كان اللّيل ذهب أبو الدّرداء يقوم، قال: نم، فنام. ثمّ ذهب يقوم، فقال: نم. فلمّا كان من آخر اللّيل قال سلمان: قم الآن، فصلّيا. فقال له سلمان: إنّ لربّك عليك حقّا، ولنفسك عليك حقّا، ولأهلك عليك حقّا، فأعط كلّ ذي حقّ حقّه. فأتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فذكر ذلك له، فقال له النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «صدق سلمان» ) * «٣» .

١٥-* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- أنّه قال: أقبل رجل من بني تميم يقال له ذو الخويصرة، فوقف على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يعطي النّاس. قال: يا محمّد، قد رأيت ما صنعت في هذا اليوم؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أجل فكيف رأيت؟» قال: لم أرك عدلت! قال: فغضب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ قال: «ويحك إن لم يكن العدل عندي فعند من يكون؟» . فقال عمر بن الخطّاب: يا رسول الله الا نقتله؟ قال: «لا، دعوه، فإنّه سيكون له شيعة يتعمّقون في الدّين حتّى يخرجوا منه كما يخرج السّهم من الرّميّة، ينظر في النّصل «٤» فلا يوجد شيء ثمّ في القدح «٥» فلا يوجد شيء، ثمّ في الفوق «٦» فلا يوجد شيء، سبق الفرث والدّم» ) * «٧» .

١٦-* (عن أنس- رضي الله عنه- قال:

واصل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم آخر الشّهر وواصل أناس من النّاس، فبلغ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: «لو مدّ بي الشّهر لواصلت وصالا يدع المتعمّقون تعمّقهم «٨» ، إنّي لست مثلكم، إنّي أظلّ يطعمني ربّي ويسقيني» ) * «٩» .

١٧-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: إنّ نفرا من أصحاب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم سألوا أزواج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن عمله في السّرّ؟ فقال بعضهم: لا أتزوّج النّساء، وقال بعضهم: لا آكل اللّحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراش، فحمد الله وأثنى عليه فقال: «ما بال أقوام قالوا:

كذا وكذا، لكنّي أصلّي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوّج


(٤٦) رقم (٩٥، ٩٦، ٩٧) ، وقال الألباني: إسناده صحيح وعزاه كذلك للطحاوي في مشكل الآثار والمروزي في زوائد الزهد (١١١٣) والخطيب في التاريخ (٨/ ٩١) .
(١) متبذلة: أي تاركة لباس الزينة.
(٢) ليس له حاجة في الدنيا: أي زاهد فيها غير منشغل بشهواتها.
(٣) البخاري- الفتح ٤ (١٩٦٨) .
(٤) النصل: حديدة السيف والرمح.
(٥) القدح: العود إذا بلغ فشذّب عنه الغصن وقطع على مقدار النبل الذي يراد من الطول والقصر.
(٦) الفوق من السهم: موضع الوتر.
(٧) هذا لفظ أحمد وأصله في الصحيحين من حديث أبي سعيد. أحمد (٢/ ٢١٩) واللفظ له وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح (١٢/ ٣) رقم (٧٠٣٨) ، وذكره الهيثمي في المجمع وقال: رواه أحمد والطبراني باختصار ورجال أحمد ثقات (٦/ ٢٢٧- ٢٢٨) .
(٨) يدع المتعمقون تعمقهم: أي المتشددون في الأمور المجاوزون للحد.
(٩) البخاري- الفح ١٣ (٧٢٤١) واللفظ له، مسلم (١١٠٤) .