للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بذلك، أو يذمّها.

الخامسة: أن يمدح شخص سلعة ما كي تباع، أو يذمّها كي لا تنفق على صاحبها (وذلك كما في الإعلانات المغرضة الّتي لا تتّفق مع الواقع» «١» .

حكم التّناجش:

قال ابن بطّال: أجمع العلماء على أنّ النّاجش عاص بفعله واختلفوا في البيع إذا وقع على ذلك، فقال جماعة من أهل الحديث: إنّ البيع فاسد، وقد جاء ذلك في رواية عن مالك، وهو المشهور عند الحنابلة إذا كان ذلك بمواطأة المالك أو صنعه (أي في الصّورتين الأولى والثّالثة من صور التّناجش) ، وقال الأحناف:

البيع صحيح (مع الإثم) ، وهذا هو الأصحّ عند الشّافعيّة.

والمشهور عند المالكيّة (وهو وجه عند الشّافعيّة أيضا) ثبوت الخيار للمشتري، إن شاء أنفذ البيع وإن شاء نقضه «٢» ، وذلك قياسا على المصرّاة «٣» ، وقيّد بعضهم تحريم النّجش بأن تكون الزّيادة النّاتجة عنه فوق ثمن المثل، ولو أنّ رجلا رأى سلعة تباع بدون قيمتها فزاد فيها لتصل إلى قيمتها لم يكن ناجشا عاصيا، وفي هذا القول نظر لأنّ له أن يعلم صاحب السّلعة بقيمتها الحقيقيّة ويترك له الخيار في البيع «٤» .

وقال ابن قدامة: النّجش منهيّ عنه، وهو حرام وخداع، وفيه تغرير بالمشتري، فإن اشترى مع النّجش فالشّراء صحيح في قول أكثر أهل العلم منهم الشّافعيّ وأصحاب الرّأي، وعن أحمد أنّ البيع باطل لأنّ النّهي يقتضي الفساد..

قال ابن قدامة: ولنا «٥» أنّ النّهي عاد إلى النّاجش لا إلى العاقد فلم يؤثّر في البيع، ولأنّ النّهي لحق الآدميّ فلم يفسد العقد.. وحقّ الآدميّ يمكن جبره بالخيار أو زيادة الثّمن، لكن إن كان في البيع غبن لم تجر العادة بمثله، فللمشتري الخيار بين الفسخ والإمضاء، وإن كان يتغابن بمثله فلا خيار له، سواء كان النّجش بمواطأة البائع أو لم يكن. وقال أصحاب الشّافعيّ: إن لم يكن ذلك بمواطأة البائع وعلمه فلا خيار له، واختلفوا فيما إذا كان بمواطأة منه، فقال بعضهم لا خيار للمشتري لأنّ التّفريط منه حيث اشترى ما لا يعرف قيمته «٦» (وقال البعض له الخيار) .

للاستزادة: انظر صفات: الغش- الخداع- الغلول- التطفيف- المكر- اللؤم- الخبث- سوء المعاملة- الغدر.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: الأمانة- التعاون على البر والتقوى- العفة- حسن المعاملة- الصدق- الإخلاص- المروءة] .


(١) استنبطنا هذه الصور من جملة أقوال الفقهاء وأهل اللغة.
(٢) باختصار وتصرف يسير عن ابن حجر، فتح الباري ٤/ ٤١٦.
(٣) المصراة هي الشاة او البقرة او نحوهما إذا صرى لبنها وحقن بالضرع فلم تحلب، وقيل: التصرية ربط أخلاف الناقة أو الشاة وترك حلبها حتى يجتمع لبنها فيكثر، فيظن المشتري أن ذلك عادتها فيزيد في ثمنها.
(٤) فتح الباري (بتصرف) ٤/ ٤١٧.
(٥) أي يشهد لصحة مذهبنا.
(٦) بتلخيص وتصرف يسير عن المغني لابن قدامة ٤/ ٢٣٤- ٢٣٥.