للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحاديث الواردة في ذمّ (التنازع)

١-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: لمّا اشتدّ بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وجعه قال: «ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده» قال عمر: إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا، فاختلفوا وكثر اللّغط. قال: «قوموا عنّي، ولا ينبغي عندي التّنازع» فخرج ابن عبّاس يقول: إنّ الرّزيّة كلّ الرّزيّة ما حال بين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبين كتابه) * «١» .

٢-* (عن جنادة بن أبي أميّة قال: دخلنا على عبادة بن الصّامت وهو مريض، قلنا: أصلحك الله، حدّث بحديث ينفعك الله به سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: دعانا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فبايعناه، فقال «٢» فيما أخذ علينا: أن بايعنا على السّمع والطّاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة «٣» علينا، وألّا ننازع الأمر أهله «٤» ، قال: «إلّا أن تروا كفرا بواحا «٥» عندكم من الله فيه برهان» ) * «٦» . زاد في رواية أحمد: «وإن رأيت أن لك» «٧» .

٣-* (عن عبد الرّحمن بن عبد ربّ الكعبة.

قال: دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظلّ الكعبة والنّاس مجتمعون عليه. فأتيتهم فجلست إليه. فقال: كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فنزلنا منزلا. فمنّا من يصلح خباءه. ومنّا من ينتضل «٨» ، ومنّا من هو في جشره «٩» . إذ نادى منادي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

الصّلاة جامعة «١٠» . فاجتمعنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

فقال: «إنّه لم يكن نبيّ قبلي إلّا كان حقّا عليه أن يدلّ أمّته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شرّ ما يعلمه لهم وإنّ أمّتكم هذه جعل عافيتها في أوّلها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجأ فتنة فيرقّق «١١» بعضها بعضا، وتجأ الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي. ثمّ تنكشف. وتجأ الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه. فمن أحبّ أن يزحزح عن النّار ويدخل الجنّة، فلتأته منيّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر. وليأت إلى النّاس الّذي يحبّ أن يؤتى إليه «١٢» . ومن بايع إماما، فأعطاه صفقة


(١) البخاري- الفتح ١ (١١٤) .
(٢) في الفتح هكذا «فقال» ، ولعلها «فكان مما أخذ علينا» .
(٣) المراد أن طاعتهم لمن يتولى عليهم لا تتوقف على إيصال حقوقهم، بل عليهم الطاعة ولو آثر غيرهم عليهم.
(٤) زاد في رواية أبي داود (٤/ ٤٠٩٠) «وعلى أن نقول بالحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم» .
(٥) الكفر البواح: هو الظاهر الصراح.
(٦) البخاري- الفتح ١٣ (٧٠٥٦، ٧٠٥٧) واللفظ له، وأحمد، المسند ٥/ ٣٢١، وأبو داود ٤ (٤٠٩٠) .
(٧) «إن» هنا مخففة من الثقيلة، والمعنى: وإن رأيت أنه لك.
(٨) ينتضل: هو من المناضلة وهي المراماة بالنشاب.
(٩) في جشره: وهي الدواب التي ترعى وتبيت مكانها.
(١٠) جامعة: هي بنصب الصلاة على الاغراء ونصب جامعة على الحال.
(١١) فيرقّق بعضها بعضا: يرقّق أي يصير بعضها رقيقا أي خفيفا لعظم ما بعده فالثاني يجعل الأول رقيقا. وقيل معناه يشبه بعضها بعضا، وقيل يدور بعضها في بعض، وقيل معناه يسوق بعضها إلى بعض.
(١٢) أن يؤتى إليه: هذا من جوامع كلمه صلّى الله عليه وسلّم وبديع حكمه وهذه قاعدة مهمة فينبغي الاعتناء بها وإن الإنسان يلزمه أن لا يفعل مع النّاس إلّا ما يحب أن يفعلوه معه.